كتاب عربي 21

يكيد كيدا وسيُمْهُلُه الله رويدا

جعفر عباس
لو لم يكن ترامب الذي صار رمز السلام والحب يكن كثير الود للغزاويين لأمر بأن "يروحوا في ستين.." ويقرر نقلهم إلى غرينلاند القطبية- الأناضول
لو لم يكن ترامب الذي صار رمز السلام والحب يكن كثير الود للغزاويين لأمر بأن "يروحوا في ستين.." ويقرر نقلهم إلى غرينلاند القطبية- الأناضول
مبروك لعرب أمريكا، فقد ساندوا ترامب ففاز بالـ "مزيكا"، وها هو يأتي بحل الدولتين، ويريح بالكم من قضية فلسطين، بعد ان تصبح غزة أمريكية بالكامل، وتنعم إسرائيل بالأمان الشامل، وقد وعد الرجل بإعادة توطين أهل غزة، لأن لهم في قلبه مَعَزّة، بعضهم في الأردن، والبعض الآخر في مصر دون مَنّ، لتصبح غزة ريفييرا الشرق، وبمنجاة من الدمار والحرق، لا مكان فيها لكتائب القسام، بل ولا أي صوت للإسلام، فستكون شواطؤها للكاسيات العاريات، يتمخترن فيها دون خوف من العاديات، وستضج بالموسيقى وصالات القمار، في مأمن من الحمساويين "التتار"، الذين يتمسكون بقيم بالية مثل الفضيلة، ويعتبرون تلاحم الجنسين بلا قيود رذيلة، ثم إن أمْرَكة غزة، سيجعلها في مأمن من أي هزة، كما وعد حبيب ترامب نتنياهو، الذي تشهد بصدقه غوغل وياهو.

لو لم يكن ترامب، الذي صار رمز السلام والحب، يكن كثير الود للغزاويين، لأمر أن يروحوا "في ستين"، ويقرر نقلهم إلى غرينلاند القطبية، حيث لا طعام ولا تعليم ولا خدمات طبية، بعد أن ينتزعها من الدنمارك، حسب وصية الفقير إليه تعالي إيلون ماسك، الذي صار مستشاره في شؤون الحكم، كلمته مسموعة حتى من الصم والبُكم، بعد أن اشترى منصبه بربع مليار، "دولار ينطح دولار"، وأوصى أيضا بضم كندا، كي لا تصبح لأمريكا نِدّا، وإبعاد تمثال الحرية، لأنه من ذوي الأصول الفرنسية، وهو من نبه إلى ضرورة احتلال قناة بنما، بحسبان أن مياهها عذبة.. ربما.

ترامب ذو الرأي السديد، يحسب أنه فعال لما يريد، فكما وعد بوقف ما تعانيه أوكرانيا من حرب، ها هو يطل على بلاد العُرب، لحلحلة قضية فلسطين، بما يرضي "الصهايين"، واعدا أهل غزة بشتات جديد، وإلا فالضرب بيد من حديد.
ترامب ذو الرأي السديد، يحسب أنه فعال لما يريد، فكما وعد بوقف ما تعانيه أوكرانيا من حرب، ها هو يطل على بلاد العُرب، لحلحلة قضية فلسطين، بما يرضي "الصهايين"، واعدا أهل غزة بشتات جديد، وإلا فالضرب بيد من حديد.

ترامب ثور في مستودع الخزف، وأفعاله وأقواله تنم عن الخرف، وهو جاهل جهول، ومهرج بهلول، فاز بأصوات ملايين العنصريين، وعفا عن آلاف المجرمين، فلا غرابة، في أن ينحاز إلى عصابة، حولت الشرق الأوسط إلى بركان، في حال دائم من الغليان، ويريد لغزة أن تتحول إلى ملهى وكازينو، كما مونت كارلو وسان مارينو، ولكن قسما بمن رفع السماء بلا عمد، الفرد الصمد، ستظل غزة عصية على الاحتلال، ولن يتلوث ثراها بالغي والضلال، وما زالت رايات الشهيد عبد الرحيم محمود، شامخة كالطود:

سأحمل روحي على راحتي              * * *            وألقي بها في مهاوي الردى
فإمّا حياة تسرّ الصديق                  * * *             وإمّا مماتٌ يغيظ العدى
ونفسُ الشريف لها غايتان            * * *             ورود المنايا ونيلُ المنى
وما العيشُ؟ لاعشتُ إن لم أكن   * * *                 مخوف الجناب حرام الحمى
إذا قلتُ أصغى لي العالمون         * * *            ودوّى مقالي بين الورى
لعمرك إنّي أرى مصرعي                * * *            ولكن أغذّ إليه الخطى
أرى مصرعي دون حقّي السليب  * * *              ودون بلادي هو المبتغى

هذه راية لم تنتكس طوال سبعة عقود، فديدن رافعيها الثبات والصمود. وليخطرف ترامب ويبرطم، عن محو غزة وطولكرم، ولكنه لن يعود ولو بخفي حنين، طالما هناك فوارس في رفح وجنين، يحملون في سويدائهم فلسطين، التي كانت هناك قبل الروماني قسطنطين، أرضا للرسالات ومعبرا إلى السماوات.

يحسب ترامب أن نتنياهو أعطاه عصا موسى، لتمكينه من أن يطلق في أوصال فلسطين سوسا: صالات قمار في رفح، وشواطئ لِلّهو العاري والمرح، ربما استلهم الرجل ما فعلته "السلطة"، عند تطبيق اتفاق أوسلو مدريد بال"بلْطة"، ففي افتتاح مطار غزة، رأت ان الأمر يحتاج الى هزة، فأتت بالراقصة فيفي، قبل ان تبلغ العمر الخريفي، فرقصت عشرة بلدي، و"انس همومك يا ولدي".

اركب أعلى ما في خيلك يا ترامب، ولن تكسب غير النصب والتعب. تريدها إبادة مستترة، ولكن وجهك الكالح عليه غبرة ترهقها قترة، وسيرتد كيدك الى نحرك، وها أنت تسعى إلى حتفك بظلفك.
التعليقات (0)