لقاء مرتقب بين ملك
الأردن عبد الله الثاني والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يتوقع أن يكون عنوانه العريض
هو قطاع غزة، بحسب خبراء.
واستبقت المملكة، التي تعد حليفة رئيسية للولايات المتحدة، برسائل رفض رسمية وشعبية لمخطط ترامب للاستيلاء على
القطاع وتهجير الفلسطينيين منه.
ويروج ترامب، منذ 25 كانون الثاني/ يناير
الماضي، لمخطط
تهجير فلسطينيي قطاع غزة إلى دول مجاورة مثل مصر والأردن، وهو ما رفضه
البلدان ودول عربية أخرى ومنظمات إقليمية ودولية.
ومنذ اللحظة الأولى لهذه التصريحات، أجرى
ملك الأردن اتصالات ولقاءات مع قادة عرب ومسؤولين غربيين والأمين العام للأمم المتحدة
أنطونيو غوتيريش.
اظهار أخبار متعلقة
وأكد الملك عبد الله، في هذه الاتصالات
واللقاءات، رفض بلاده تهجير الفلسطينيين وضرورة تثبيتهم على أرضهم.
وحذر من "خطورة محاولات تهجير الفلسطينيين
في الضفة الغربية وغزة"، مشددا على أن "أي حل لن يكون على حساب أمن واستقرار
الأردن والمنطقة".
الحراك الرسمي لملك الأردن جاء بموازاة
آخر شعبي، إذ شهدت محافظات البلاد، الجمعة الماضي، مسيرات غضب واحتجاج على مخطط ترامب
للاستيلاء على غزة وتهجير الفلسطينيين منها.
ويخدم هذا المخطط مصالح الاحتلال الإسرائيلي، وقد دعمت واشنطن حرب الإبادة الجماعية التي شنها على غزة بين 7 تشرين الأول/ أكتوبر
2023 و19 كانون الثاني/ يناير الماضي، ما خلّف نحو 160 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين.
وجاءت مواقف الأردن الرسمية والشعبية
مدفوعة برفض إقليمي ودولي، إذ أدانت دول عديدة تصريحات ترامب الملياردير قطب العقارات
السابق، باعتبارها غير قابلة للتنفيذ وتهدد الأمن والاستقرار بالمنطقة.
هذه المعطيات تشير إلى أن القمة الأردنية
الأمريكية ستكون محفوفة بالمخاطر، خاصة أن مخطط ترامب يتماهى مع حليفته "إسرائيل"،
التي تتطلع إلى الخطوة التالية لتطبيقه.
واعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين
نتنياهو، في تصريح لقناة "فوكس نيوز" الأمريكية ليلة السبت- الأحد، أن خطة
ترامب "مبتكرة"، و"يجب العثور على مكان لتهجير الفلسطينيين".
رغبة نتنياهو في تطبيق مخطط ترامب للتهجير
ربما تدفعه، وفق مراقبين، إلى إفشال اتفاق وقف إطلاق النار الساري في غزة منذ 19 كانون
الثاني/ يناير الماضي، وبالتالي العودة إلى حرب أشد قسوة لتحقيق التهجير.
ويدرك الأردن، بحسب التحركات الرسمية والشعبيىة،
خطورة مخطط التهجير، وخاصة على أمن المملكة، وإخلاله بتركيبتها الديموغرافية، وتداعياته
على استقرارها واقتصادها، ما يعني أن الملك سيصر على موقفه الرافض.
ولكن محاولة إشراك مصر في مخطط التهجير،
ودعوة نتنياهو إلى إقامة دولة فلسطينية في السعودية وحديثه عن ضرورة العثور على مكان
للتهجير، سيفاقم من خطورة الموقف.
وهذا الوضع يعدد أطراف المواجهة مع "إسرائيل"،
ما قد يفرض على ترامب التراجع عن مخططه خشية تضرر مصالح واشنطن بالمنطقة، مع الحرص
على تحقيق مكاسب أخرى قد تصل إلى حد التدخل في كيفية إدارة شؤون غزة.
والثلاثاء، كشف ترامب، خلال مؤتمر صحفي
مع نتنياهو في البيت الأبيض، عن عزم بلاده الاستيلاء على غزة وتهجير الفلسطينيين من القطاع
إلى دول أخرى.
وقال ترامب للصحفيين على متن الطائرة الرئاسية
مساء الأحد إنه "ملتزم بشراء غزة وامتلاكها"، فهي "موقع عقاري مميز
لا يمكن أن نتركه.. سنقوم بإعادة بناء غزة عبر دول ثرية أخرى في الشرق الأوسط".
مخاطر أمريكية
وحول جدول أعمال قمة الثلاثاء، قال أستاذ
العلوم السياسية بالجامعة الألمانية الأردنية (رسمية) بدر الماضي: "بالتأكيد لقاء
الملك سيكون محفوفا بمخاطر المستضيف".
واستدرك: "لكن بالوقت نفسه ترامب سيتعامل
مع قيادة لديها تراكم تاريخي في التعامل الدبلوماسي والسياسي، ما يجعل ثمرة اللقاء
ومحتواه مختلفا تماما عن ما تحدث به ترامب لأيام طويلة في موضوع غزة وموضوع التهجير".
ورجح أن "موضوع غزة والتهجير سيكون
الأكثر حضورا في اللقاء، وسيحاول ترامب أن يرفع السقف (مطالبه) كما رفعه في الأيام
السابقة، كما أنه سيطرح نوافذ أو حلولا أو مقترحات وسيكون الملك جاهزا لها".
و"أعتقد أن الملك يحمل في جعبته الكثير،
ما سيساهم بفعالية في محاولة تغيير الرواية الأمريكية التي يبدو أنه تمت السيطرة عليها
من قبل الرواية الإسرائيلية لأيام وشهور طويلة"، بحسب الماضي.
واستطرد: "لذلك فإن الملك سيذهب بسردية
عربية وسردية فلسطينية أردنية، بحيث سيكون هناك توجه جديد أو يحاول الملك أن يأخذ من
ترامب ضمانات بتوجه جديد بإبقاء الفلسطينيين في غزة وإبقاء الفلسطينيين في أرضهم".
واستدرك: "لكن ستُطرح أيضا حلول عملية،
بحيث تدخل المنطقة بنوع من الهدوء والسكون السياسي والدبلوماسي".
وتابع: "لكن هذا لا يعتمد فقط على
الطرف الفلسطيني والعربي، بل أيضا على ما سيقدمه الإسرائيليون وقناعتهم بذهاب المنطقة
إلى مزيد من الاستقرار والهدوء".
الماضي توقع أن يتناول ملك الأردن في حديثه
عن قطاع غزة "الحقوق الشرعية والتاريخية (للشعب الفلسطيني)، وأثر أي تغيير ديمغرافي
في المنطقة، وخاصة في الأردن، على مستقبل واستقرار المنطقة".
وأردف: "فعندما نتكلم عن الحدود الأردنية
الإسرائيلية، فإن هذه المشاريع يمكن أن تؤثر تأثيرا كبيرا جدا على الاستقرار، وقد يكون
هذا مدخلا مهما جدا للملك في تغيير رواية الولايات المتحدة ورواية ترامب نفسه".
ورأى أن "الملك سيتكلم وهو مدعوم
بموقف عربي مهم جدا من مصر والسعودية وقوة إقليمية مثل تركيا، والمجتمع الدولي الذي
لم يتردد في إدانة تصريحات ترامب، إضافة إلى التردد الداخلي الأمريكي وخاصة لدى الحزب
الجمهوري، وموقف الحزب الديمقراطي بشكل عام".
ورجح الماضي أن "موضوع
المساعدات
الأمريكية التي أوقفها ترامب على دول العالم، ومنها الأردن، سيكون مدار بحث في اللقاء".
وأرجع ذلك إلى أن "هذه المساعدات تحافظ
على أمن واستقرار الدولة الأردنية وأمن واستقرار المنطقة، في ظل ما يجري في منطقة الشرق
الأوسط".
وقال إن الملك إذا ما خُير بين التهجير
واستمرار المساعدات فـ"بالتأكيد سيختار عدم التهجير على حساب المساعدات التي كانت
تأتينا من الولايات المتحدة".
وتعد الولايات المتحدة داعما أساسيا للأردن،
ووقَّع البلدان في أيلول/ سبتمبر 2022 مذكرة تفاهم، تقدم بموجبها واشنطن مساعدات مالية
سنوية للمملكة بقيمة 1.45 مليار دولار للفترة بين 2023 و2029.
لكن في أواخر كانون الثاني/ يناير الماضي،
قررت إدارة ترامب وقف المساعدات الخارجية لجميع الدول لمدة 90 يوما لإجراء عملية مراجعة.
معادلة الاستقرار الإقليمي
الكاتبة والمحللة السياسية روان سليمان
الحياري، رأت أن القمة تأتي "في توقيت سياسي دقيق إقليميا ودوليا، حيث تتشابك الأزمات
الجيوسياسية وتتصاعد التحديات الأمنية والاقتصادية".
وأضافت: "يحمل الملك في هذا اللقاء
أجندة تتسم بالبعد الجيوسياسي والجيواقتصادي للمنطقة، مستندا إلى خبرته الاستراتيجية
السياسية والعسكرية، ومعرفته بآليات صنع القرار الأمريكي".
وزادت: "من المتوقع أن يركز الملك
على معادلة الاستقرار في الإقليم؛ فأي استقرار إقليمي مستدام يجب أن يستند إلى حلول
عادلة ومستدامة، مع تحذير من الانزلاق نحو سياسات قد تؤدي إلى تصعيد غير محسوب".
وأردفت بأن عاهل الأردن "سيشخص طبيعة
الصراعات في الشرق الأوسط بشكل دقيق و يطرح الحلول الجذرية والمستدامة الأكثر توافقا
مع واقع المنطقة".
واتفقت الحياري مع الماضي في أن "ملف
غزة كجزء من القضية الفلسطينية سيكون على رأس الأولويات، حيث سيوضح الملك ضرورة الحفاظ
على حل الدولتين (فلسطينية وإسرائيلية) كخيار أمثل لضمان استقرار السلام بالشرق الأوسط".
اظهار أخبار متعلقة
وتابعت بأن الملك سيحذر من أن "أي حل
قصير الأمد سيفاقم حالة الفوضى في المنطقة، وسيهيئ بيئة خصبة لظهور جماعات متطرفة تهدد
المصالح الأمريكية، مع التأكيد على أهمية الالتزام بمعاهدة السلام واتفاقية وادي عربة
(مع إسرائيل 1994)".
ورجحت أن تكون سوريا (جارة الأردن) حاضرة
في اللقاء، فمن المتوقع "التركيز على الحل السياسي وضمان عدم تحول أي أجزاء من
أراضيها إلى ساحات نفوذ، ومناقشة العودة الطوعية لللاجئين".
كما أنها توقعت أن يتم "بحث الشراكة الاستراتيجية
بين البلدين، خاصة في ما يتعلق بالمساعدات الاقتصادية والشراكة العسكرية".