بعد مرو أكثر من شهرين ونيف على سقوط النظام السوري وحدوث زلزال كبير ينبئ
بترددات وتبعات هائلة كما أوضحنا في مقالة سابقة نشرت في "عربي21"، يكثر
النقاش السوري والإقليمي والدولي حول مآلات الوضع السوري، إذْ تواجه الإدارة
السورية الجديدة بقيادة الرئيس السوري أحمد الشرع عدة
تحديات وعوائق في ظل حكومة انتقالية.
هذه التحديات أغلبها داخلي ومنها خارجي.
فالتحديات الخارجية تتمثل بوجود عقوبات على
سوريا، تسعى الحكومة الجديدة
حثيثا لرفعها لإمكان إعادة الإعمار في سوريا. فالبلد شبه مدمر، والبنى التحتية
تكاد تكون منتهية تقريبا. وأيضا تحتاج الحكومة الجديدة لنيل اعتراف الدول من خلال
ترسيخ أسس الدولة الجديدة وإشراك جميع المكونات السورية في الحكومات القادمة.
وهذه التحديات الخارجية ترتبط بتحديات داخلية، ابتداء بإرساء اسس الاستقرار
الامني ومرورا بتأمين الخدمات الأساسية للمواطنين، وليس انتهاء بتأمين الوظائف
وتسديد رواتب الموظفين، إذ ان العديد من الموظفين تم تسريحهم من وظائفهم وهذا يسبب
مشكلة كبيرة للإدارة الجديدة، يضاف موضوع ترتيب العلاقة مع مناطق الساحل رغم أنه
قد زار اللاذقية وطرطوس مؤخرا، وأيضا العلاقة مع قوات سورية الديمقراطية (
قسد)
الموجودة في شمال شرقي سوريا وضمها إلى الجيش السوري. فالرئيس السوري أقر بوجود
مفاوضات وأنّ نقاط التقارب كثيرة وبقاء جزئيات بسيطة للاتفاق النهائي، وذلك في
مقابلة مع تلفزيون سوريا. ولا ننسى ضغوطات الدول الكبرى كفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية
لحل سلمي مع قسد بضم قوات قسد للجيش السوري والابتعاد عن موضوع المواجهة، علما أن
الكثير من المحسوبين صحفيين ومع الثورة أساؤوا للعلاقة العربية الكردية من خلال
حملات إعلامية مكثفة اتخذت طابعا هجوميا للأسف، وترافقت مع تدخل تركي واضح من خلال
قتال فصائل تابعة لها ضد قسد وبخاصة على سد تشرين، رغم أنّ السيد أحمد الشرع نفسه لم
يدع لأي صراع مسلح مع قسد،
الكثير من الأمور التي تحتاج للإصلاح والمعالجة، الملف الاقتصادي والاجتماعي والثقافي وموضوع العدالة الانتقالية والدستور وغيرها من المسائل الحيوية لإقلاع الدولة السورية الجديدة
كما أنه قال جوابا على سؤال تلفزيون سوريا إن هناك أطرافا
لا تريد للمفاوضات مع قسد النجاح. والمؤسف أنّ موقف السيد الشرع أفضل بكثير من
عديد من الأفراد والقوى المحسوبة على الصف اليساري أو الليبرالي السوري.
أعتقد أنّ اتفاقا قريبا سيتم التوصل إليه والإعلان عنه بين الحكومة السورية
وقسد، واحتمال تشكل وفد كردي شامل وربما وفد من الجزيرة بجميع مكوناتها والتفاوض في
دمشق، خاصة بعد تشكل لجنة
الحوار الوطني -رغم الكثير من المآخذ عليها لقلة أفرادها
واعتمادها على فئة محددة ما عدا سيدة- لكن مع كل ما يجري هناك الكثير من الأمور
التي تحتاج للإصلاح والمعالجة، الملف الاقتصادي والاجتماعي والثقافي وموضوع
العدالة الانتقالية والدستور وغيرها من المسائل الحيوية لإقلاع الدولة السورية
الجديدة بعد أن انتهى إلى غير رجعة نظام البراميل والكيماوي والقمع والسجون؛ بعد
فرار رأس النظام السابق إلى روسيا.
وختاما، نتمنى أن تتحسن
جميع جوانب المشهد السوري بشكل تدريجي وأن يتم إشراك الجميع لبناء دولة جديدة
للجميع.