قضايا وآراء

قطاع غزة.. وماذا بعد؟!

محمود النجار
"نوايا مجرم الحرب نتنياهو في عرقلة مسار الاتفاق وعمليات تبادل الأسرى، وسعيه للعودة إلى العدوان، وارتكاب مزيد من جرائم الإبادة"- جيتي
"نوايا مجرم الحرب نتنياهو في عرقلة مسار الاتفاق وعمليات تبادل الأسرى، وسعيه للعودة إلى العدوان، وارتكاب مزيد من جرائم الإبادة"- جيتي
لم يزل العدو الصهيوني يمارس غطرسته وإجرامه بحق الفلسطينيين، فهو لا يجد رادعا لا من قوة، ولا من موقف عربي مشرف، ولا من موقف أممي، لا سيما وأن الولايات المتحدة حيدت دور الأمم المتحدة، ونصبت من نفسها قوة أممية تمنع الأمم المتحدة من القيام بدورها متحدية دول العالم وما يسمى الشرعية الدولية، وهذا معناه أن على العالم أن يفهم بأن اللجوء إلى الأمم المتحدة لم يعد ضروريا، وأن الحقوق لا تعاد إلا بالقوة، وأن اغتصاب حقوق الآخرين يكون أيضا بالقوة القاهرة والبجاحة، وأن الحديث عن القوانين الدولية بات من أحاديث الأولين..

بناء على ما سبق؛ فنحن نعيش اليوم في غابة يأكل القوي فيها الضعيف بشراهة وعدوانية مفرطة؛ وهو ما يدفع الكيان المحتل إلى ارتكاب مزيد من الجرائم، ما دامت المساءلة القانونية الدولية لم تعد فاعلة، إلا فيما يدين الضعفاء وأعداء الكيان المحتل، كيف لا وقد قام المدعو ترامب بمعاقبة المحكمة الجنائية الدولية انتقاما لنتنياهو ورفاقه بسبب الجرائم بحق الفلسطينيين؟!

لقد قتلت قوات الاحتلال نحو 20 فلسطينيا في قطاع غزة وحده وأصابت العشرات بعد إعلان الهدنة، فهي لا تحترم اتفاقا ولا تقر بتجاوزاتها، وتجد من يدافع عنها في الغرب، ويبرر لها إجرامها. وهي لم تنفذ بنود اتفاق الهدنة المتعلق بالبرتوكول الإنساني، ولم تحترم تعهدات مصر بإدخال المواد الغذائية والطبية والبيوت الجاهزة والخيام، والجرافات، بعد أن أصرت حركة حماس على تعطيل تسليم الأسرى الثلاثة؛ بسبب عدم تنفيذ بنود البرتوكول الإنساني، فتعهدت مصر بناء على اتصالات جرت بينها وبين الكيان المحتل بإدخال المواد سابقة الذكر، بعد تسليم الأسرى الثلاثة، إلا أن ذلك لم يتم، ما يعني عدم احترام الكيان لتعهداته، والإضرار بمصداقية مصر، أو أن مصر تواطأت مع الكيان المحتل..!

وفي الأثناء فإن نتنياهو يخطط لمهاجمة غزة من جديد، وتؤيده في ذلك الولايات المتحدة التي قال رئيسها: "إن استئناف العدوان على قطاع غزة شأن إسرائيلي، وإسرائيل تعرف مصلحتها"، وتؤيد العدوان حكومات عربية متواطئة على الشعب الفلسطيني ومقاومته، وهي تحلم بالقضاء على حركة حماس، مع أن هذه الحركة لم تمس دولة عربية واحدة بسوء، ولم تجرح جنديا عربيا، ولم تهن حاكما، وليت شعري لو أعلم لماذا كل هذا الحقد على حركة حماس، بينما تصفق هذه الدول للثورة السورية؟ ما هذا التناقض العجيب؟ ثورة تحارب رئيس دولة مجرما قاتلا، ومقابل ذلك ثورة تقاتل عدوا صهيونيا قاتلا مجرما استولى على الأرض والمقدسات.. الثورة الأولى مقدسة، وهي كذلك، والثانية مدنسة وحاملو السلاح فيها إرهابيون..!! أي منطق يا عرب؟!

لقد بات استئناف العدوان على قطاع غزة أمرا مؤكدا، ولا أدري ما الذي يمكن فعله إزاء هذه المؤامرة الكونية على قطاع غزة، حيث طالب الوفد الصهيوني إلى مصر بشروط تعجيزية فيها من الكبرياء والعجرفة ما فيها؛ فقد طالب بإطلاق جميع الأسرى الموجودين في غزة، وقيام حماس بتفكيك جناحها العسكري (كتائب القسام) وإنهاء قدراتها العسكرية، ونفي قادة حماس إلى الخارج، وهو ما يكشف نوايا مجرم الحرب نتنياهو في عرقلة مسار الاتفاق وعمليات تبادل الأسرى، وسعيه للعودة إلى العدوان، وارتكاب مزيد من جرائم الإبادة، كما أشارت بذلك حركة حماس.

إن حركة حماس اليوم تقف وحيدة في وجه الغطرسة الصهيونية الأمريكية بتغطية عربية من فوق الطاولة ومن أسفل منها، وربما تكون الوحيدة التي تخدم حماس بشكل غير مباشر عائلات الأسرى الإسرائيليين التي تقوم حاليا بسلسلة فعاليات تضامنا مع الأسرى، فهم يعرفون بأن بقاء الصهاينة في الأسر لدى المقاومة سيعرضهم للقتل، كما حدث من قبل، حيث تسبب القصف العشوائي الإجرامي للقطاع بقتل عدد كبير من الأسرى.

إن عائلات الأسرى تؤكد في فعالياتها ضرورة إحراز اتفاق شامل وفوري دون تأخير يعيد المخطوفين الأحياء والموتى إلى ذويهم، وذلك ما لا يهادنون فيه، وتعلو أصواتهم يوما بعد يوم وتتنوع أساليب الاحتجاج من وقت لآخر، وهؤلاء يعدّون ورقة الضغط الأقوى على نتنياهو وعصابته الإجرامية.

من المتوقع أن يُستأنف العدوان، وأن تتم فتح بوابات الحدود مع مصر، ليلجأ إليها الفارون من الموت؛ وبذلك يضمن الكيان تهجير من تبقى على قيد الحياة إلى مصر، وإذا حدث ذلك لا سمح الله، فهو ما يؤشر بوضوح على حجم المؤامرة التي تحاك ضد أبناء قطاع غزة

وقد بدا واضحا للعيان بأن نتنياهو لا يهتم لحياة الجنود والأسرى الإسرائيليين بقدر اهتمامه بالبقاء على رأس السلطة، والمحافظة على الائتلاف الحكومي الذي يضم متطرفين يمينيين يصرون على حرق غزة بمن فيها وما فيها، بمن فيهم الأسرى الصهاينة.

إن ما ينبغي فعله من قبل الجماهير العربية لمؤازرة الشعب الفلسطيني أن يخرجوا بتظاهرات كبرى، قادرة على هز العروش المهترئة، بحيث تغير مواقفها، وتقف إلى جانب الدم الفلسطيني والحق الفلسطيني، فما يمكن أن يحدث في قابل الأيام أقسى وأشد مما حدث قبل الهدنة.

من المتوقع أن يُستأنف العدوان، وأن تتم فتح بوابات الحدود مع مصر، ليلجأ إليها الفارون من الموت؛ وبذلك يضمن الكيان تهجير من تبقى على قيد الحياة إلى مصر، وإذا حدث ذلك لا سمح الله، فهو ما يؤشر بوضوح على حجم المؤامرة التي تحاك ضد أبناء قطاع غزة.

ما يمكن أن يحدث في قابل الأيام على وجه الدقة لا يعلمه إلا الله.. وكل ما نرجوه أن يقلب الله عز وجل مؤامراتهم على رؤوسهم وأن ينصر جنده نصرا مؤزرا، وما ذلك على الله بعزيز..
التعليقات (0)

خبر عاجل