رفضت
محكمة العدل الدولية، الاثنين، دعوى
السودان ضد
الإمارات بشأن الإبادة الجماعية في دارفور، معتبرة أنها تفتقر للاختصاص، رغم اتهام الخرطوم لأبوظبي بتمويل وتسليح قوات الدعم السريع المتهمة بارتكاب فظائع ضد قبيلة المساليت في دارفور، فيما نفت الإمارات الاتهامات ووصفتها بالدعاية السياسية.
وجاء في نص قرار المحكمة: "نرفض الطلب الذي تقدم به السودان في 5 مارس/ آذار الماضي ضد الإمارات".
وتحفظت الإمارات على المادة 9 من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، والتي تنص على اختصاص المحكمة بالنظر في "الخلافات المتعلقة بتفسير أو تطبيق أو تنفيذ الاتفاقية".
من جهتها، قالت ريم كتيت، نائب مساعدة وزير الخارجية للشؤون السياسية ممثلة الإمارات، في كلمة أمام المحكمة، إن الدعوى المقامة من القوات المسلحة السودانية أمام محكمة العدل الدولية لا تستند إلى أسس قانونية أو واقعية، حسب وكالة أنباء الإمارات.
اظهار أخبار متعلقة
وأوضحت أن "دولة الإمارات ليست طرفًا في النزاع المسلح في السودان، ولا تقدم أي دعم لأي طرف ما يجعل الادعاءات الموجهة ضدها لا أساس لها من الصحة".
وفي وقت سابق من الشهر الجاري، قدم السودان دعوى متهمًا الإمارت بانتهاك اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها من خلال دعمها لقوات الدعم السريع المتورطة في النزاع المستمر في السودان.
تتضمن الاتهامات تقديم الإمارات تمويلا وتسليحا لهذه القوات، مما أدى إلى ارتكاب جرائم إبادة جماعية، قتل، اغتصاب، وتدمير ممتلكات تستهدف قبيلة المساليت في غرب دارفور خلال عام 2023.
اظهار أخبار متعلقة
وكان وفد سوداني بقيادة وزير العدل، معاوية محمد أحمد خير، شارك في الدورة الـ58 لمجلس حقوق الإنسان، والتي شملت بيان السودان خلال جلسة الحوار التفاعلي حول حالة حقوق الإنسان في السودان، حيث ركز البيان على سرد فظائع المليشيا المتمردة وانتهاكاتها الجسيمة للقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان، واتفاقيات جنيف.
وبحسب وكالة الأنباء السودانية تضمن البيان شرحاً تفصيليا للدعم الخارجي كسبب رئيس لإطالة أمد الحرب، شارحاً تورط دولة الإمارات في تسليح المليشيا المتمردة، واستمرار هذا الدعم رغم قرارات مجلس الأمن الداعية لوقف هذا الدعم.
وعقب الوزير في ختام الجلسة رداً على ممثل الإمارات الذي حاول نفي تورط بلاده في دعم المليشيا، حيث أكد أن تورط دولة الإمارات في دعم المليشيا المتمردة ورعايتها لها ليس مجرد اتهام بل تورط أثبته فريق خبراء الأمم المتحدة في تقريره منذ كانون الثاني/ يناير 2024 وتم نشر التقرير كوثيقة من وثائق الأمم المتحدة.
خطوة السودان القادمة
من جهته قال وزير
الثقافة والإعلام والناطق الرسمي باسم الحكومة السودانية خالد الإعيسر، إن"قضية السودان ضد الإمارات لن تتوقف عند محطة محكمة العدل
الدولية".
وأكد الإعيسر في بيانه أن "الحكومة السودانية ستطرق كل باب يتيح لها الاقتصاص من الذين ارتكبوا
الجرائم بحق الشعب السوداني الصابر البطل الأبي، الذي دفع ثمناً باهظاً نتيجة الجرائمضد الإنسانية والإبادة الجماعية التي ارتكبتها دولة الإمارات عبر رعايتها المستمرة
لميليشيا الدعم السريع المتمردة".
وأوضح أن "هناك محاكم دولية أخرى تقبل مثل هذه الدعاوى، وتحاكم المجرمين،وتنصف الشعوب، وتعاقب الحكومات التي تهدد استقرار البلدان وتقتل الأبرياء، وتحمي العدالة
كما ينبغي لها أن تُحمى".
وتواصلت "عربي21" مع الوزير خالد الإعيسر لمعرفة الخطوة السودانية القادمة، وما هي المحاكم التي قد يقدم السودان فيها قضيته ضد الإمارات
مرة أخرى، إلا أنه أكد أن تفاصيل الرد السوداني سيتم توضيحها لاحقا.
بدوره قال مدير المركز السوداني لحقوق الإنسان وحرية الإعلام، أمية يوسف أبو فداية، إن "قرار محكمة
العدل الدولية هو رفض ابتدائي حيث تم رفض الدعوة بفارق صوتين باعتبار أن الإماراتتحفظت على البند التاسع من نظام العدل الدولية".
وأوضح أن "تحفّظ
دولة على البند التاسع من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية يعني أنها تُبدياعتراضاً جزئياً أو تحفظاً قانونياً على مضمون هذه المادة عند انضمامها إلى النظام
الأساسي للمحكمة أو عند التصديق عليه".
وتابع أبو فداية في تصريحات خاصة لـ"عربي21"، "السودان لديه فرصة كبيرة جدا خاصة أن هدفه كان إدانة
الإمارات ولو معنويا وهذا ما تم فعلا".
وأكمل، "لكن السودان بهذه القضيةوجه رسالتين الأولى، إثبات أنه دولة قانون تحتكم للإرادة والمواثيق الدولية، والثانية
العمل على فضح الإمارات خاصة مع تصويت 7 قضاة لصالحه، وهذا يُشكل إدانة ولو جزئية لأبو ظبي".
وحول خطوة السودان القادمة، "يعتقد أبو فداية أن الحكومة السودانية ستتوجه لمنظمات
ومؤسسات دولية، حيث ستطلب من المؤتمر الإسلامي والجامعة العربية عقد اجتماعات لبحثشكوى السودان ضد الإمارات".
وأضاف،
"وفي حال ادانت هذه المنظمات الإمارات ستكون إدانة معنوية وإعلامية واخلاقيةأكثر من كونها إدانة قانونية، ومع تقديم السودان شكاوى أيضا في الأمم المتحدة
والاتحاد الأفريقي، هو يحاول بذلك محاصرة أبو ظبي قانونيا وإعلاميا ودبلوماسياوسياسيا".
وأكد أبو فداية أن "هناك خطوات أخرى أقوى لكنه يظن أن السودان لا يرغب
باتخاذها في الوقت الحالي، وهي منع الإمارات من استخدام مياهه الإقليمية ومجالها الجوي، وأيضا سحب السفراء، وأخر هذه الخطوات احتمالية الرد على القواعد الإماراتية
الموجودة في الدول المجاورة والتي انطلقت منها المسيرات ضد السودان".
من ناحيته أكد أستاذ العلوم السياسية السوداني أحمد علي عثمان أن "قرار العدل الدولية
كان مُحبط بالنسبة للحكومة السودانية، لكنه يعتقد أن هذه القضية هي مجرد جولة منجولات رد فعل السودان على تدخل الإمارات في الحرب المتمثل بشحن الأسلحة لعصابات
الدعم السريع".
وتابع عثمان في تصريحات خاصة لـ"عربي21"، "أما خيارات الحكومة السودانية الآن هي إعادة
صياغة الدعوى والسعي للضغط على الإمارات دبلوماسيا عبر المنظمات الدولية، كذلك السعي لإدانتها من قبل مجلس الأمن الدولي، مع محاولة تقديم أدلة جديدة دامغة ضدها".
لافتا إلى أنه "كما أن الحرب العسكرية
مستمرة على الأرض، أيضا ستستمر جهود السودان الدبلوماسية حتى تكف الإمارات وغيرهامن الدول التي تمد الدعم السريع بالسلاح وتساهم في بقاء الحرب مشتعلة عن ما تقوم
به".
وأوضح عثمان أنه "مع كل تقدم ميداني للجيش السوداني يمكن أن يعثر على أدلة جديدة على تدخل الإمارات عسكريا وتقديمها للمنظمات والمحاكم الدولية، وهذا سيساهم بتقوية قضيته ضدها".
وختم
عثمان حديثه بالقول، "الإمارات أداة من أدوات تنفيذ السياسات الغربية وهي ربيبة الاستخبارات الأمريكية والإسرائيلية
وغيرها، لذلك هي محمية من أي إدانة دولية، كذلك محكمة العدل الدولية هي أداة لتطويع الدول الفقيرة وهي ليست بالجهة القادرة على تنفيذ
قراراتها وتوجيهاتها".