نشرت صحيفة "
معاريف" العبرية، مقالا، للكاتبة صوفي رون موريا، قالت فيه إنّ: "أزمة تهرّب اليهود المتدينين من الخدمة العسكرية، في صفوف
الاحتلال، تزداد، وسط تنامي رفض استجابة جنود الاحتياط لأوامر الاستدعاء التي بدأ يصدرها الجيش، فيما يواصل الحريديم بثّ بعض الخرافات الشائعة حول تجنيدهم".
وبحسب
المقال الذي ترجمته "عربي21" فإنّ: "الخرافة الأولى التي يُردّدها الحريديم لرفض الخدمة العسكرية، تعود لقرار رئيس أول حكومة، ديفيد بن غوريون عام 1951، حين استجاب لطلب الحاخام أبراهام يشعياهو كارليتز بإعفاء 400 من طلاب المدارس الدينية".
"بزعم استعادة عالم التوراة، الذي عانى من ضربة قاتلة في الهولوكوست في أوروبا، لذلك يمكن تعريف قراره بأنه أمر مؤقت، كترتيب لبضع سنوات، حدّ أقصى لفترة جيل، ولكن ليس لمدة 74 عامًا أو أكثر" تابع المقال نفسه.
وأضاف بأنّ: "هذه الخرافة تتبدّد بلغة النسب المئوية، ففي عام 1951، بلغ عدد السكان اليهود بإسرائيل 1.4 مليون نسمة، واعتبارًا من عام 2024، يعيش 7,250 مليون يهودي، وإذا كانت الدولة ينبغي أن تمنح ألفي حريدي إعفاء كل عام من الخدمة العسكرية، فإن هذا لا يعني توفير إعفاء شامل لجميع المنتمين لهذا القطاع الحريدي".
· المعاهد الدينية
أشارت موريا في مقالها إلى أنّ: "الخرافة الثانية تتعلق بدعم المجتمعات اليهودية على مرّ الأجيال لطلاب المعاهد الدينية، ولفترة محدودة، بجانب دعم النخبة فقط على مرّ الزمن لتنشئة الحاخامات والمفسرين، لكن ما يحصل اليوم أنّ مجتمع الطلاب، الذي يدرس فيه معظم الرجال في المعاهد الدينية طوال حياتهم هو تحريف وُلد في القرن العشرين بمبادرة من الزعيم الروحي الليتواني الحاخام كارليتز، وبالتالي فإن دعم المجتمع لطلاب المعاهد الدينية التابعين له، من مجتمع آخر، مسألة أجنبية وبعيدة".
وأكدت أنّ: "الخرافة الثالثة تتعلق بأن الحريديم يدرسون التوراة بدلًا من العلمانيين، وعندما يُعلن الحاخام موشيه غفني، الذي يجلس على المنصة منذ جيل، كرئيس للجنة المالية في الكنيست، عن رؤيته المتمثلة بأنّ: نصف اليهود سيدرس التوراة، وسيخدم النصف الآخر في الجيش، ويعمل، فإنّه يسعى لفرض الاتفاق على المجتمع الإسرائيلي، مع أنهم في الكُنُس والمدارس الدينية الحريدية، لا يُصلون من أجل سلام الدولة والجنود، بل يُربون تلاميذهم على كراهية الدولة، والانفصال عن رموزها، والامتناع عن أيام الحداد".
وأضافت بأنّ: "الخرافة الرابعة مُهمّة للديموغرافيا، ففي العائلات الأرثوذكسية المتشددة، يكون مُعدّل المواليد بأعلى مستوياته، ويزيدون من عدد السكان اليهود، فكيف إذن يمتنعون عن العمل في الوظائف العامة، ولا يتجندون في الجيش، ويتفرّغون فقط لإنجاب الأطفال".
اظهار أخبار متعلقة
· تزايد مواليد المتدينين
أكدت أنّ: "الخرافة الخامسة مفادها سبب تركيز الدولة على المتدينين المتشددين للانخراط في الخدمة العسكرية، وعدم توجيه ذات التركيز على فلسطينيي48، بزعم أنهم لا يتطوعون في صفوف الجيش، مع أن هذا الادعاء يتجاهل أن الدولة تتعامل مع فلسطينيي48 على أنهم أقلية غير يهودية من جهة، ومن جهة أخرى، أين المنطق في توزيع أسلحة الجيش على عشرات الآلاف من الشباب المسلمين".
وأضافت: "الخرافة السادسة تتعلق بأن عدم انخراط اليهود المتشددين في التجنيد، هو لأن الجيش غير مُجهّز بما يسمح لهم بالحفاظ على نمط حياتهم، مع أن الجيش مستعد لتزويد الجندي الحريدي بطعام الحلال "كوشير"، لكن ليس من المفترض أن يُعيد الجيش للجندي العادات الاجتماعية التي عفى عليها الزمن".
ولفتت إلى أنّ: "الخرافة السابعة هي أنّ: الجيش في حالة حرب، ويخوض حرب "السيوف الحديدية"، التي دفعت الدولة لحافة الهاوية، فإذا لم يكن آن أوان انخراط الحريديم بالخدمة العسكرية، وعندما يحتاج الجيش المزيد من القوى العاملة، فمتى إذن؟".
ومضت بالقول إنّ: "الخرافة الثامنة تكمن في مزاعم الحريديم بإمكانية حلّ المشكلة بالاتفاق والحوار، مع أن كل محاولات التصرف بحذر دفعت الحريديم للانعزال عن الدولة، بل ومقاومتها، ولذلك فإن الهدف من هذا الادعاء هو تفويض السلطة، والدولة لا تتعامل مباشرةً مع الشاب الحريدي، بل تتواصل معه من خلال قيادات مجتمعه، كما لو كان مواطنًا من دولة أخرى".
وأردفت بأنّ: "الجيش لن يُجنّد الشباب الحريدي، وستُحدّد الحكومة الحصص المخصصة لهم من التجنيد، حيث ستُقرّر قيادتهم من سيُدرجون في سلّم التجنيد سنويًا، كما لو كانت إسرائيل روسيا القيصرية أو الإمبراطورية النمساوية المجرية".
· معاداة الصهيونية
أشارت الكاتبة إلى أنّ: "هذا ليس نهجًا مُعاديًا للصهيونية فحسب، بل إن مثل هذا "الحوار" لا يملك أي فرصة للنجاح، لأن الهدف المشترك للفصائل الحريدية الحفاظ على الوضع الراهن القائم، وإبقاء شبابها بالقوة في الغيتو الذي سمحت الحكومات بإنشائه".
واستدركت: "من الواضح أن هناك سبيلاً آخر، دون الحاجة لإخراج المتهرّبين من منازلهم بالقوة، بل وقف تمويل المؤسسات المعادية للصهيونية، وعدم دفع المنح الدراسية، والامتناع عن تقديم المزايا للشباب الذين لم يلتحقوا بالجيش، وفي هذه الحالة، فلن يكون هناك أي تهرب خلال بضع سنوات".
وأضافت بأنّ: "الخرافة التاسعة التي يرددها الحريديم: لماذا الآن تعود المطالبة بتجنيدهم في صفوف الجيش، وعلى الفور تصدر الإجابة بأنها محاولة لإسقاط الحكومة اليمينية، مع أن الوقائع التاريخية تُكذّب ذلك، لأن عدم التجنيد تم تكريسه في تشريع 1958، وفي 1975، حدّدت المحكمة العليا حصة الإعفاءات بـ800 حريدي سنويًا".
وأشارت إلى أنه: "حين صعد مناحيم بيغن للسلطة عام 1977، بات الحريديم نقطة تحول في التنافس المستمر بين حزبي الليكود والعمل، وشكّل ائتلافًا اعتمد عليهم، ومنذ ذلك الحين، دأب كل رئيس وزراء، من إسحاق شامير إلى شمعون بيريز، ومن إسحاق رابين إلى بنيامين نتنياهو، على دفع رشاوى للفصائل الحريدية مقابل السلطة".
اظهار أخبار متعلقة
· السابع من أكتوبر
أكّدت أنّ: "توقيت تجدد الدعوة لتجنيد الحريديم مرتبط بالحرب الدائرة على
غزة، ولولاها فربما سمح المجتمع الإسرائيلي للنظام السياسي بمواصلة التأجيل والتسويف لعدم تجنيدهم، رغم أن ذلك معارض للواقع القاسي الذي يُجنّد فيه الجيش جنود الاحتياط مرارًا وتكرارًا، ويُمدّد الخدمة النظامية، بينما يواصل الشباب والشابات في القطاع الحريدي التهرب من الخدمة، وتكافئهم الدولة على ذلك".
"هذه خرافة مرتبطة بذات الخرافة التي دأب الإسرائيليون على تكرارها عقودا طويلة وهي أنّ الدولة قد تكتفي بجيش صغير وذكي، لذلك لم تكن هناك حاجة لتجنيد الحريديم، حتى جاء السابع من أكتوبر، وانهار هذا الادعاء الوهمي" استرسلت الكاتبة عبر
المقال الذي ترجمته "عربي21".
وختمت بالقول إنّ: "الخرافة العاشرة تتمثل في مواصلة جميع قادة المعارضة: ليبرمان ولابيد وغانتس وآيزنكوت وبينيت، الذي سيتولى السلطة قريبًا، دعموا إلغاء تجنيد الحريديين، وتمويل عشرات الآلاف منهم مقابل الوصول للسلطة، لأنه منذ الأزمة السياسية في 2019، عندما شكل نتنياهو كتلة الليكود-الحريديم، فقدت فصائلهم مكانتها كرأس الميزان".
وخلصت إلى القول إنّ: "المواجهة المتوقعة في الانتخابات المقبلة ليست بين نتنياهو ويائير غولان، بل بين الليكو-بن غفير وليبرمان وبينيت، النقاش ليس سياسيًا، بل يركز على طبيعة الدولة، وهنا لم يعد الحريديم رأس الميزان، بل هم القضية برمّتها".