في مشهد يعكس ذروة الوحشية والخرق الصارخ
للقانون الدولي، صعّدت إسرائيل من عملياتها العسكرية في قطاع
غزة عبر واحدة من
أوسع وأشد الهجمات فتكًا منذ بدء عدوانها المستمر قبل أكثر من 19 شهرًا، وسط صمت
دولي مثير للقلق.
وأكد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان في تقرير
له اليوم أرسل نسخة منه لـ
"عربي21" أن ما يجري حاليًا ليس مجرد تصعيد
عسكري، بل تنفيذ ممنهج لإبادة جماعية تستهدف الإنسان والأرض والبنية التحتية على
حد سواء.
وبحسب التقرير، فقد نفذت قوات
الاحتلال
سلسلة من المجازر المروعة في شمال غزة، بما في ذلك تل الزعتر وبيت لاهيا، ما أدى
إلى مقتل ما لا يقل عن 115 مدنيًا في أقل من 12 ساعة، بينهم عدد كبير من الأطفال
والنساء، فيما لا تزال عشرات الجثث تحت الأنقاض، في ظل عجز فرق الإنقاذ بسبب
الحصار وانهيار المنظومة الصحية بالكامل.
المشاهد القادمة من مستشفيي
"الإندونيسي" و"العودة" تختصر حجم المأساة: جثامين مرمية في
الممرات، مصابون ينازعون دون علاج، وفرق طبية عاجزة عن الاستجابة في ظل القصف
المتواصل ونقص الإمكانيات.
سياسة الأرض المحروقة التي تنفذها إسرائيل
لم تتوقف عند القتل المباشر، بل توسعت لتشمل التدمير الشامل للمنازل والأحياء
السكنية التي سبق أن تعرضت لأضرار جزئية، في محاولة واضحة لـ"استكمال إبادة
المدن"، وفق تعبير المرصد. ففي شرق خانيونس، وشمال غزة، ورفح، تقوم جرافات
إسرائيلية، بمشاركة شركات مدنية، بهدم كل ما تبقى من مبانٍ يمكن أن تُعيد
الفلسطينيين إليها يومًا.
هذا التصعيد يترافق مع تصريحات رسمية صادمة
من رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو الذي قال صراحة: "سندمر بيوت
غزة حتى لا يبقى للفلسطينيين مأوى.. ولن يتبقى لهم سوى الرحيل"، وهو ما وصفه
المرصد بأنه اعتراف مباشر بنية الاقتلاع السكاني الكامل، وتجسيد حي لجرائم الإبادة
الجماعية الموثّقة.
وأضاف البيان: إن العدوان تجاوز مجرد
"أهداف عسكرية"، ليصبح استهدافًا مباشرًا للمدنيين الفارين من الموت،
حيث قصفت المدفعية الإسرائيلية فلسطينيين أثناء محاولتهم الفرار من المناطق
المنكوبة، ما أدى إلى مقتل 18 شخصًا على الأقل في بيت لاهيا وجباليا.
كما اتهم المرصد الاحتلال بـفرض واقع
استعماري جديد من خلال الإبادة والتجويع والتدمير، ما يمهّد لضم غزة فعليًا، في
انتهاك صارخ لحظر ضم الأراضي بالقوة، وفق القانون الدولي.
اظهار أخبار متعلقة
نداء عاجل للمجتمع الدولي
في ختام تقريره، طالب المرصد الأورومتوسطي
المجتمع الدولي بتحرّك فوري وحاسم، مؤكدًا أن الصمت العالمي والشلل السياسي هو ما
شجّع إسرائيل على المضي في ارتكاب جرائمها دون رادع.
ودعا إلى:
ـ فرض عقوبات سياسية وعسكرية واقتصادية
فورية على إسرائيل.
ـ حظر تصدير الأسلحة إليها أو التعاون معها
عسكريًا أو استخباراتيًا.
ـ فتح تحقيقات دولية ومحاسبة المسؤولين
الإسرائيليين أمام المحكمة الجنائية الدولية، بما يشمل إصدار مذكرات توقيف بحق
المتورطين.
ـ ملاحقة الشركات المتورطة في تزويد
الاحتلال بالمعدات المستخدمة في
الجرائم، وسحب الاستثمارات منها.
ـ إنشاء آلية دولية لحفظ الأدلة الجنائية
المتعلقة بجريمة الإبادة الجماعية في غزة، تمهيدًا لتقديمها أمام المحاكم الدولية.
وأشار المرصد إلى أن الأوضاع في غزة تتجه
إلى الكارثة الكاملة، داعيًا المحكمة الجنائية الدولية إلى الاعتراف رسميًا بأن ما
يجري هو إبادة جماعية مكتملة الأركان، محمّلًا الدول الأعضاء في نظام روما الأساسي
مسؤولية قانونية عن أي تقاعس في اتخاذ خطوات ملموسة لمحاسبة الجناة.
وترتكب إسرائيل بدعم أمريكي مطلق منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 إبادة
جماعية بغزة خلفت نحو 173 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما
يزيد على 11 ألف مفقود.
اظهار أخبار متعلقة