أمل،
حسناء من قوم
غزة، لها من اسمها نصيب، تعيش الأمل في كل تفاصيل حياتها، منذ أن
ترسل الشمس أشعتها الدافئة على خديها لتوقظها قائلة لها: "استيقظي للأمل يا
أمل ورتبي أفكارك كما ترتبين شعرك وجهّزي مشاعرك للحياة الجميلة".
تجلس أمل
على شاطئ بحر الأمل تنظر بأملٍ إلى فضاء الله الرحب، برغم طائرات العدو التي ترمي
حمم حقدها على أهلها وبلادها، لتدمر بيوت شعبها وذكرياته، تمسح ما استطاعت إلى ذلك
سبيلا كل ملامح المستقبل من أمام الناس، دون رحمة أو ضمير.
أمل
مواطنة من قلب غزة، عُمر جدتها أكبر من عمر العدو على هذه الأرض الطيبة، لها ما
لكل بنات جنسها من حبٍ للحياة، طموحات وأمنيات، وتتمنى لو أن العالم الحر المُدّعِى
للديمقراطية يفهم تلك الأمنيات، بأنها ترغب بعالمٍ سعيدٍ بعيدٍ عن القصف والدمار،
تحلم بعالمٍ تُغلق فيه أبواب مصانع
الموت وتُفتح مصانع
الحياة، ويُصبح الإنسانُ
مثل الطائر الذي يطير بلا تأشيرة، وقتما شاء، وأينما شاء، يأكل من أي ثمرة يراها
تشبع روحه قبل أن تشبع جسده.
تجلس أمل
في مكان اعتادت أن تزوره هادئة دون ضجيج، رغم أن داخلها يغلي على ما يحدث في
بلادها، وتبكي من صمت ذوي القربى الذي هو عندها كما قال الشاعر: وظلم ذوي القربي أشد
مضاضة على النفس من وقع الحسام المهند.
لا
تستطيع ولا ترغب أمل بألا تتأثر أو أن تنعزل عن هموم بلدها وشعبها، فكيف لا تتأثر
وهي التي تسمع القصف وتسمع أنين المقصوفين، وترى الدماء تسيل في كل قطاع غزة، وقلبها
يتفطر ألما، وبداخلها ألف سؤال وسؤال، لكنها لا تسمع سوى صدى الأسئلة، ويقين داخلي
يؤكد لها بأنه إن وقف مداد البشر عنكم، فإن رب البشر سيمددكم بجنود لا حصر لهم أول
الجنود الصبر وآخرهم النصر.
أمل
تملك سرا جميلا يجعلها تنظر للحياة بنظرة جميلة، فهي قارئة وكاتبة، حروفها جميلة
راقية تعبر عن مكنون نفسي طيب وذوق رفيع المستوى، وتجيد انتقاء ما تقرأ، وتمارس ما
اقتنعت به، تلك هي فلسفة أمل في الحياة.
يبقى
القول أن أمل رغم كل أمواج الألم ستبقى واثقة بأن الحياة ستصفو ذات يوم لها
وللجميع، وستفتح الحياة صدرها لها، مثلما فتحت هي صدرها للأمل، ولن تكسر أمواج
الألم سفن الأمل، وشعارها في الحياة: لن تكسر الأهوال شوكتنا، وستستمع على شاطئ
بحر الأمل لأغانيها المفضلة وتسرح في عينين من تحب وترى بهما أفق الحياة.