قضايا وآراء

الحرب على الإخوان بديلا للكيان.. أين حُمرة الخجل؟!

قطب العربي
"تم كيل الاتهامات للإخوان بمساندة الكيان"- التواصل الاجتماعي
"تم كيل الاتهامات للإخوان بمساندة الكيان"- التواصل الاجتماعي
غريب ومريب ما يحدث في مصر هذه الأيام، ففي الوقت الذي تتصاعد فيه تهديدات الكيان الصهيوني ضد مصر، ويتواصل التحرش السياسي والإعلامي بها، فإن الرد على ذلك هو مزيد من الحملات الأمنية والإعلامية ضد الإخوان، باعتقال المزيد من أفراد أو مناصري الجماعة، أو حتى المصريين العاديين مع تصنيفهم أمنيا كإخوان، والزج بهم في غياهب السجون، وحملات إعلامية ضارية تتضمن اتهامات عبثية لا يصدقها عقل؛ لكن هناك حرص على تكرارها حتى يصدقها الناس تطبيقا لنظرية جوبلز وزير دعاية النازية الشهير "اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس".

في العلوم والممارسات العسكرية هناك ما يسمى "إعداد الدولة للحرب"، وهذا يتضمن مسارات متعددة، فهناك المسار الاقتصادي عبر توفير مخزونات غذائية ودوائية لعدة شهور، وتوفير سيولة نقدية للاحتياجات الطارئة، والتحسب لأي مواقف أو قرارات سلبية مفاجئة من الدول أو الشركات والمؤسسات الدولية أو حتى توابعها داخل الوطن. وعلى المستوى السياسي، تمتين الجبهة الداخلية، وترميم ما بها من تصدعات حتى تكون قادرة على مواجهة العدو، كظهير شعبي للجيش. وعلى المستوى الإعلامي، تهيئة الرأي العام للمواجهة والاستعداد لتحمل الأعباء، وعلى المستوى الخارجي السعي لبناء تحالفات أو علاقات تساعد الدولة في المواجهة حتى لا تجد نفسها معزولة إقليميا ودوليا خلال الحرب.. إلخ.

الغريب أن من يتهمون الإخوان بـ"الصهينة" أي دعم الكيان الصهيوني هم أنفسهم ممن يطلق عليهم صهاينة العرب، وهم يمثلون الفرع المصري في هذا الحلف، وهم الذين يبررون للعدو عدوانه ضد غزة وارتكابه المجازر بحق شعب القطاع

ما يجري في مصر فعليا ليس شيئا من ذلك، بل هناك من أذرع النظام من لا يزال يشكك في التصريحات العدوانية الإسرائيلية، سواء التي خرجت من نتنياهو شخصيا والذي وصفته تلك الأذرع بأنه المرشد العام للإخوان!! أو من جنرالات وساسة، وإعلاميين آخرين. وبدلا من ذلك، يجري على قدم وساق تهيئة الشعب لحرب ضروس ضد الإخوان، وكأن النظام بأذرعه المختلفة يتوقع خطرا قادما من أي مواجهة محتملة مع الكيان فيريد أن يحمل النتيجة للإخوان. ومن هنا بدأ ترويج الافتراءات ضدهم (وسنقتصر هنا على مزاعم دعم الكيان)، ومنها ما صدر على لسان وزير ثقافة سابق من أن الإخوان شاركوا العدو في مواجهة الجيش المصري في حرب أكتوبر (تشرين الأول) 1973!! كما زعم آخرون أن الإخوان ساهموا عبر شركاتهم ومؤسساتهم في بناء المستوطنات الإسرائيلية في الأرض المحتلة!! وشاركوا من قبل في تهجير اليهود من كل دول العالم إلى فلسطين!! وأنهم ساهموا في إقامة الكيان الصهيوني!!

وسبق ذلك استغلال مظاهرة خاطئة لعرب الداخل الفلسطيني أمام السفارة المصرية في تل أبيب؛ استهدفت مطالبة مصر للقيام بدورها لوقف الإبادة في غزة، حيث تم كيل الاتهامات للإخوان بمساندة الكيان!! وعدم التظاهر ضده، أو ضد داعميه خاصة الولايات المتحدة، متجاهلين أن مظاهرات عديدة لعرب الداخل وبينهم منتسبو الحركة الإسلامية جرت ضد الكيان والولايات المتحدة.

كما تضمنت الافتراءات الزعم بأن ابنة الشيخ رائد صلاح، رئيس الحركة الإسلامية داخل الخط الأخضر، وتدعى إيلا، هي متحدث عسكري باسم جيش الاحتلال!! ولا يعرف من يردد هذا الإفك أن عرب 48 لا يخدمون في الجيش الإسرائيلي باستثناء الدروز، بل إن حركة الشيخ رائد ترفض المشاركة في العملية السياسية والبرلمانية الإسرائيلية، والأهم أن الشيخ رائد ليس لديه ابنة بهذا الاسم، والغريب أن بعض أنصار النظام يصدقون هذه الافتراءات دون مناقشة أو تمحيص!!

الغريب أن من يتهمون الإخوان بـ"الصهينة" أي دعم الكيان الصهيوني هم أنفسهم ممن يطلق عليهم صهاينة العرب، وهم يمثلون الفرع المصري في هذا الحلف، وهم الذين يبررون للعدو عدوانه ضد غزة وارتكابه المجازر بحق شعب القطاع، كما أنهم أول من نددوا بعملية طوفان الأقصى ولا يزالون يرمونها بكل نقيصة، وهم الذين يدافعون عن الاستسلام للعدو تجنبا للحرب، فأين أنت يا حمرة الخجل؟!

في الوقت الذي يردد فيه صهاينة المصريين هذه الاتهامات للإخوان، فإن أحد المبررات الكبرى التي تذرعت بها بريطانيا من قبل، وتتذرع بها الإدارة الأمريكية الحالية لتصنيف الإخوان كجماعة إرهابية، هي موقفها المعادي للكيان الصهيوني ودعمها للمقاومة الفلسطينية

كما أن مروجي هذه الأكاذيب يتعامون عن دور الإخوان التاريخي في مواجهة المشروع الصهيوني قبل أن يؤسس دولته وبعد ذلك، وهو دور لا ينافسهم فيه أي تنظيم شعبي غير فلسطيني آخر. ففي حرب 1948 واجهت كتائب الإخوان إلى جانب الجيوش العربية العصابات الصهيونية، وأبلت بلاء حسنا باعتراف قادة الجيشين المصري والأردني في ذلك الوقت، وحين كان الإخوان في السجون خلال حربي 1956، و1967 طلبوا السماح لهم بالمشاركة في الحرب مع تعهدهم بالعودة للسجن بعد انتهائها. وهل ننسى أن مؤسسي حركة فتح كانوا ينتمون للإخوان قبل أن يستقلوا عنهم؟!

كما أن حركة حماس التي تقود النضال الفلسطيني منذ أواخر الثمانينات هي ابنة الإخوان، وفي كل الدول التي يتمتع الإخوان بحضور فيها (سواء كانت دولا عربية وإسلامية أو حتى غير ذلك) فإنهم قادوا الجماهير لدعم القضية الفلسطينية ودعم المقاومة، وهو ما اعترفت به حكومة الاحتلال، وواجه الإخوان بسببه انتقاما من العديد من الحكومات العربية، ومنها الحكومات المصرية المتعاقبة، ولُفقت لهم قضايا حول دعم المقاومة؛ كان أبرزها تلك التي كان على رأس المتهمين فيها رئيس الجمهورية الأسبق الدكتور محمد مرسي، والتي توفي في ساحة المحكمة خلال إحدى جلساتها.

في الوقت الذي يردد فيه صهاينة المصريين هذه الاتهامات للإخوان، فإن أحد المبررات الكبرى التي تذرعت بها بريطانيا من قبل، وتتذرع بها الإدارة الأمريكية الحالية لتصنيف الإخوان كجماعة إرهابية، هي موقفها المعادي للكيان الصهيوني ودعمها للمقاومة الفلسطينية، وخاصة حماس التي تصنف في الدولتين حركة إرهابية. وليس خافيا أن الحكومة المصرية كما الأردنية والإماراتية هي التي تقدم لتلك الحكومات الغربية المتربصة بالإخوان المزيد من المعلومات عن حجم الدعم المادي والمعنوي الذي يقدمه الإخوان للمقاومة الفلسطينية، ثم يتنافس إعلام تلك الدول العربية في تصنيع الأكاذيب حول علاقة وهمية للإخوان بالعدو الصهيوني! في تطبيق عملي للمثل المعروف "رمتني بدائها وانسلت"!!.. ومرة أخرى، أين أنت يا حمرة الخجل؟!!

x.com/kotbelaraby
التعليقات (0)

خبر عاجل