ملفات وتقارير

هل تستحق "إسرائيل" وصف "الدولة المارقة" بعد انتهاء المهلة الدولية؟

أكد نتنياهو أنه "مرتبط بشدة برؤية إسرائيل الكبرى"- جيتي
أكد نتنياهو أنه "مرتبط بشدة برؤية إسرائيل الكبرى"- جيتي
ينتهي اليوم الخميس، 18 أيلول/ سبتمبر 2024، الموعد النهائي الذي حددته محكمة العدل الدولية لإنهاء وجودها غير القانوني كقوة احتلال في الأراضي الفلسطينية، والذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة لـ"إسرائيل" للامتثال للرأي الاستشاري الصادر.

وقبل عام أيدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرارها "A/RES/ES-10/24" النتائج التي توصلت إليها محكمة العدل الدولية في فتواها الاستشارية الصادرة في تموز/ يوليو 2024 وترجمتها إلى مطالب أساسية من "إسرائيل".

ودعت حركة مقاطعة "إسرائيل" وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها "BDS" إلى احتجاجات حاشدة في الوزارات والبرلمانات العالمية للمطالبة بفرض حظر عسكري وتعليق العلاقات التجارية والأكاديمية وتعليق عضوية الاحتلال الإسرائيلي في الأمم المتحدة، وغيرها من الإجراءات، مؤكدة أن "إسرائيل" الآن "دولة مارقة" رسميًا.

تفاصيل القرار
طالبت الجمعية العامة للأمم المتحدة الاحتلال الإسرائيلي بإنهاء وجوده غير القانوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة، الذي يشكل عملاً غير مشروع، وذلك في غضون 12 شهراً منذ موعد صدور القرار العام الماضي.

وأمرت الجمعية العامة "إسرائيل" بالامتثال لالتزاماتها القانونية بموجب القانون الدولي من خلال سحب قواتها العسكرية من الأرض الفلسطينية المحتلة، وإنهاء سياساتها وممارساتها غير القانونية، وإعادة الأراضي والممتلكات التي تم الاستيلاء عليها منذ بداية الاحتلال، والسماح لجميع الفلسطينيين المشردين بالعودة إلى أماكن إقامتهم، ودفع تعويضات، وعدم عرقلة الشعب الفلسطيني عن ممارسة حقه في تقرير المصير.

ويذكر أن المجموعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي وحركة عدم الانحياز طلبت يوم التاسع من أيلول/ سبتمبر العام الماضي، من الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي تضم 193 عضواً، التصويت على القرار بعد 9 أيام، أي في الثامن عشر من الشهر ذاته.

اظهار أخبار متعلقة


وكان الهدف الرئيسي لمشروع القرار، الذي أعدّته السلطة الفلسطينية آنذاك، هو التأكيد على الرأي الاستشاري الذي أصدرته محكمة العدل الدولية في تموز/ يوليو 2024، وجاء فيه أن احتلال "إسرائيل" للأراضي والمناطق الفلسطينية غير قانوني ويجب أن تنسحب منها.

وفي حين أن الرأي الاستشاري الصادر عن أعلى محكمة في الأمم المتحدة قال إن هذا ينبغي أن يحدث "في أسرع وقت ممكن"، يحدد مشروع القرار جدولاً زمنياً مدته 6 أشهر لتنفيذ ذلك.

ورغم أن الرأي الاستشاري الصادر عن محكمة العدل الدولية ليس ملزماً، فإن له ثقله بموجب القانون الدولي وقد يضعف الدعم لـ"إسرائيل". وكذلك الحال بالنسبة لقرار الجمعية العامة، إذ إنه ليس ملزماً لكنه يحمل ثقلاً سياسياً.

وكان مشروع القرار هو الأول الذي تتقدم به السلطة الفلسطينية رسمياً منذ حصولها على حقوق وامتيازات إضافية العام الماضي، منها مقعد بين أعضاء الأمم المتحدة في الجمعية العامة والحق في اقتراح مشاريع قرارات.

ويحظر القانون الدولي على "إسرائيل" ضم أي أجزاء من الأراضي المحتلة عام 1967، بما يشمل قطاع غزة والضفة الغربية، بحسب بيانات عديدة للأمم المتحدة في السنوات الماضية.

وفي 27 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، دعت الجمعية العامة إلى هدنة إنسانية على الفور في غزة بأغلبية 120 صوتاً، ثم في كانون الأول/ ديسمبر من العام ذاته صوتت 153 دولة لمصلحة المطالبة بوقف إطلاق نار إنساني على الفور بدلاً من الدعوة إلى ذلك فقط.

حراك عالمي
أكدت حركة المقاطعة "BDS" أن انقضاء الموعد النهائي الذي حددته الأمم المتحدة لـ"إسرائيل" لإنهاء احتلالها لفلسطين لحظة فاصلة بعد اثني عشر شهراً، حوّلت القوة العسكرية الإسرائيلية في غزة المحتلة الإبادة الجماعية المُبثّة مباشرة ضد 2.3 مليون فلسطيني إلى فظائع لا تُصدّق، وتُسرّع من وتيرة التطهير العرقي والضم.

وأضافت الحركة في بيان لها أنه "مع ذلك، باستثناء حفنة من الدول، فشلت معظمها في البدء في الوفاء بهذه الالتزامات. إسرائيل الآن دولة مارقة رسمياً، ويجب معاملتها على الأقل كما عوملت جنوب أفريقيا في ظل نظام الفصل العنصري".

ودعت إلى تصعيد الدعوات الحالية فوراً لفرض عقوبات قانونية وموجّهة من خلال الانضمام إلى عطلة نهاية الأسبوع العالمية "#تعطيل_التواطؤ - #DisruptComplicity" للعمل، من 18 إلى 21 أيلول/ سبتمبر الجاري.

وأوضحت: "كمسألة حياة أو موت، يدعوكم المجتمع المدني الفلسطيني إلى إغلاق الطرق السريعة والموانئ ومرافق الشركات المتواطئة - لإنهاء العمل كالمعتاد مع دولة مارقة تمارس الفصل العنصري، وبثّ مباشر لإبادة جماعية".

وأوضحت: "ندعوكم إلى تنظيم احتجاجات حاشدة في الوزارات والبرلمانات للمطالبة بفرض حظر عسكري، وتعليق العلاقات التجارية والأكاديمية، وتعليق عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة، وتنظيم إضرابات ووقفات احتجاجية، كلما أمكن ذلك وحيثما كان ذلك معقولاً، وتصعيد حملات المقاطعة بما في ذلك تعطيل العمل في المتاجر والمكاتب، وإطلاق ودعم حملات متعددة الجوانب - لدفع الجامعات والنقابات والمستشفيات والمجالس المحلية إلى استبعاد الشركات المتربحة من الحرب من العقود".

اظهار أخبار متعلقة


وشددت: "لن تتوقف حركة المقاطعة بعشرات الملايين من مؤيديها في أكثر من 120 دولة حول العالم، حتى نضع حدًا للإبادة الجماعية الإسرائيلية، وحتى يتمكن الفلسطينيون في كل مكان من ممارسة حق تقرير المصير والتمتع بالحرية والعدالة والمساواة".

"دولة مارقة"
لا يعد مصطلح "دولة مارقة - Rogue State" مفهوماً قانونياً بشكل دقيق في القانون الدولي ولا في ميثاق الأمم المتحدة، بل يقتصر على أنه مجرد توصيف سياسي، وهو الذي ظهر بشكل بارز في خطاب السياسة الخارجية الأمريكية خلال تسعينيات القرن الماضي، حيث استُخدم للإشارة إلى الدول التي تُعتبر "معادية للنظام الدولي أو تهدد الأمن والسلم العالميين".

وتتعامل الأمم المتحدة مع الدول وفق معايير واضحة تشمل العضوية والاعتراف بالسيادة والالتزام بميثاقها من حيث حظر استخدام القوة، واحترام حقوق الإنسان وتعزيز التعاون الدولي.

في حال ارتكبت دولة أعمالاً "تهدد السلم والأمن الدوليين"، مثل غزو دولة أخرى أو دعم الإرهاب أو تطوير أسلحة دمار شامل خارج الأطر القانونية، فإن مجلس الأمن قد يصفها بأنها "مهددة للسلم" ويفرض عليها عقوبات أو يسمح باستخدام القوة ضدها.

ورغم أن الخطاب السياسي يصف مثل هذه الدول أحياناً بـ"المارقة"، فإن الأمم المتحدة لا تستخدم هذا المصطلح رسمياً في قراراتها، إلا أنه في السياقات السياسية والإعلامية تُعرّف "الدولة المارقة" على أنها التي تتصرف خارج القواعد المتعارف عليها دولياً، بينما في القانون الدولي يُستعاض عن هذا المصطلح بعبارات "انتهاك الالتزامات الدولية" أو "تهديد السلم والأمن الدوليين".

وتاريخياً، وُصفت كوريا الشمالية سياسياً بأنها "مارقة" بسبب تطويرها للأسلحة النووية في تحدٍ لمعاهدات منع الانتشار ورفضها التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أما قانونياً فقد فرض مجلس الأمن عقوبات شاملة عليها تحت الفصل السابع واعتبر برامجها النووية تهديداً للسلم والأمن الدوليين.

وفي جنوب أفريقيا خلال حقبة الفصل العنصري، شاع وصف النظام بأنه "مارق" إعلامياً وسياسياً لخرقه أبسط مبادئ حقوق الإنسان، بينما اعتمدت الأمم المتحدة توصيفاً قانونياً واعتبرت ممارساته "جريمة ضد الإنسانية"، وفرضت عليه عزلة دولية.

وفي الإعلام الغربي والعالمي، جرى توصيف العراق بـ"الدولة المارقة" في الخطاب الغربي عقب غزوه للكويت عام 1990، كونه مثّل تحدياً للنظام الدولي بالهجوم على دولة عضو في الأمم المتحدة، لكن مجلس الأمن استخدم لغة قانونية واضحة، فوصف الغزو بأنه "عدوان"، وأصدر قرارات ملزمة بالانسحاب، وفرض حصاراً شاملاً على العراق.

صعّد جيش الاحتلال الإسرائيلي من عملياته العسكرية بشكل غير مسبوق، حيث شنّ هجمات متزامنة استهدفت ست دول عربية في وقت واحد، في محاولة لفرض نفوذه على المنطقة بدعم أمريكي مباشر. فقد واصل عدوانه على الضفة الغربية بعمليات اقتحام وحصار للقدس، بالتوازي مع قصف مكثف شمالاً وجنوباً لقطاع غزة ضمن خطة تهدف إلى السيطرة الكاملة وتهجير السكان قسراً.

وخلال الشهور الماضية، واصل الاحتلال حرب الإبادة في قطاع غزة، واستمر بجرائمه الواسعة في القدس والضفة الغربية، ونفذ هجوماً بطائرة مسيّرة على قارب "أسطول الصمود" في ميناء سيدي بوسعيد التونسي، كما كثّف غاراته على جنوب لبنان ومدن سورية عدة بينها حمص واللاذقية، مع خرق متكرر للأجواء المصرية فوق سيناء.

وفي 13 حزيران/ يونيو الماضي، شنت "إسرائيل" حرباً مفاجئة على إيران استمرت 12 يوماً، وتخللتها ضربات متبادلة أسفرت عن مئات القتلى والجرحى بين الجانبين، قبل أن تعلن واشنطن التوصل إلى وقف لإطلاق النار في 24 من الشهر ذاته.

وامتد العدوان إلى اليمن وقطر، حيث أعلن الاحتلال استهدافه مواقع في العاصمة الدوحة بزعم وجود قيادات لحركة حماس هناك، كما كرر الهجمات على صنعاء ومنشآت أساسية فيها بزعم استهداف جماعة أنصار الله "الحوثي" الداعمة للمقاومة الفلسطينية.

اظهار أخبار متعلقة


وبهذا شمل العدوان الإسرائيلي فلسطين وإيران وتونس ولبنان وسوريا واليمن ومصر وقطر، ما يعكس توجهاً إسرائيلياً لفرض معادلة جديدة في المنطقة، وسط غياب رد عسكري مباشر من الدول المستهدفة، باستثناء استمرار هجمات جماعة أنصار الله ضد "إسرائيل".

وفي 12 آب/ أغسطس الماضي، قال رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مقابلة مع قناة "i24" العبرية، إنه "مرتبط بشدة برؤية إسرائيل الكبرى"، رداً على سؤال عن شعوره بأنه في "مهمة نيابة عن الشعب اليهودي".

وتشمل هذه الرؤية، وفق المزاعم الإسرائيلية، الأراضي الفلسطينية المحتلة وأجزاء من دول عربية، من الفرات إلى النيل، ما أثار موجة استنكار واسعة النطاق.
التعليقات (0)

خبر عاجل