صحافة إسرائيلية

نتنياهو يشبه دولته بأسبرطة وأثينا.. وكاتب يذكره بمصيرهما

نتنياهو يشبه دولته بأسبرطة وأثينا- الأناضول
نتنياهو يشبه دولته بأسبرطة وأثينا- الأناضول
قالت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" إن رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو استحضر صورة أسبرطة وأثينا في تصريحاته الأخيرة، مشيرة إلى أنه تجاهل أن معركة ترموبيل التي يثني عليها انتهت بموت جميع المقاتلين الأسبرطيين، وبمعاهدة سلام أنهت الحرب.

والأسبوع الماضي، بعد اجتماع وُصف بأنه غير ناجح مع وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، أعلن نتنياهو توقعاته بمستقبل من العزلة الاقتصادية والحروب الطويلة، قائلاً: "سنكون أثينا وسبارتا الخارقة".

وقال الكاتب يهودا هالبر، أستاذ الفلسفة اليهودية في جامعة بار إيلان، إن افتتان نتنياهو بأسبرطة لا يرتبط بمديح أدولف هتلر لها عام 1928 بوصفها "أول دولة عنصرية" أو لإعجابه بـ"عدوانها العاري"، كما لا يفترض أن نتنياهو سيقتفي أثر النازيين الذين عززوا إعجابهم بأسبرطة بوسائل عملية مثل تعيين "ممثل حربي للمنح الدراسية اليهودية في العصور الكلاسيكية" أو إجبار وزارة التعليم على اعتماد كتاب أسبرطة: صراع الحياة ككتاب مدرسي.

وبحسب هالبر، في مقال رأي نشرته "تايمز اوف إسرائيل"، فإن نتنياهو يقصد على الأرجح الإعجاب بمعركة ترموبيل (480 قبل الميلاد)، حين واجه جيش يوناني صغير مكون من حوالي سبعة آلاف جندي، بينهم ثلاثمئة من نخبة مقاتلي أسبرطة، معركة ضد مئات الآلاف من القوات الفارسية.

وقد تمكنوا من إضعاف الجيش الفارسي بشكل كبير، الأمر الذي مهد لاحقا لانتصار الإغريق على الفرس.

اظهار أخبار متعلقة



ويضيف أن هذا السرد يتناسب مع طريقة نتنياهو في تصوير الصراع باعتباره حربا بين الشرق والغرب، حيث تصبح حرب إسرائيل في غزة بمثابة ترموبيل جديدة في مواجهة "جحافل المسلمين" دفاعا عن "القيم اليهودية-المسيحية".

وأشار الكاتب إلى أربع نقاط أساسية مرتبطة بالمعركة. الأولى أن المقاتلين الأسبرطيين الثلاثمئة قُتلوا جميعا، والثانية أن المعركة لم تكن منفصلة بل جاءت ضمن تحالف واسع لعدد من المدن اليونانية، قاد الأثينيون لاحقاً استكماله حتى تحقيق النصر على الفرس.

وأضاف ثالثا أن الملك الأسبرطي ليونيداس قاتل ومات مع جنوده، ولم يختبئ في حصن أو يحصن نفسه بآلاف الحراس، ولم يعرف عنه أنه شكا من تهديدات من مسنين في الثمانين من عمرهم، أما الرابعة، والأهم، فهي أن الحرب لم تنتهِ بانتصار كامل، بل بمعاهدة سلام تفاوض عليها الأثيني كالياس وسميت باسمه.

ويرى هالبر أن دعوة نتنياهو لأن تكون إسرائيل "أثينا وأسبرطة معا" تذكر بما جرى عامي 404-403 قبل الميلاد، حين أطاح حكم "أوليغارشي" مؤيد لأسبرطة بالديمقراطية الأثينية. ففي تلك الفترة، أضعف بيركليس السلطة القضائية العليا (مجلس الأريوباغوس)، وسرعان ما سيطر مناهضو الديمقراطية بقيادة كريتياس على الحكم وأسسوا مجلس الثلاثين الموالي لأسبرطة.

وقد تميّز حكم كريتياس والموالين له بانعدام الأمن والاضطرابات والقمع الدموي للأثينيين، بمساعدة الجنود الأسبرطيين. ورغم سقوط حكمهم سريعاً، فإن استعادة المحاكم ترافقت مع محاكمات عنيفة طالت كل من ارتبط بهم، وربما شملت الفيلسوف سقراط الذي كان قد علّم كريتياس الفلسفة.

ويضيف الكاتب أن الديمقراطية الأثينية لم تتعافَ من هذه التجربة، إذ ظلت هشة وتعرضت لانهيارات متكررة، قبل أن تُغزى من فيليب المقدوني، ليكمل ابنه الإسكندر الأكبر المهمة بهزيمة الإمبراطورية الفارسية. وهكذا، فإن محاولة أثينا أن تكون أسبرطة وأثينا معاً انتهت بانهيارها وضعفها.

اظهار أخبار متعلقة



ولفت هالبر إلى ما ذكره المؤرخ ثوسيديديس في كتابه عن الحرب البيلوبونيسية، حيث أشار إلى أن الحروب القديمة، مثل حرب طروادة، قد تبدو عظيمة في الأدب، لكنها لم تترك آثارا مادية باقية.

وتوقع أن تبدو أسبرطة في المستقبل بلا أثر تقريبا، لأن نخبها عاشت حياة بسيطة في بيوت خشبية قصيرة العمر وكرّست وجودها للحرب فقط. بينما ستبدو أثينا أعظم بكثير بما تركته من معابد ومسارح وآثار وزخارف.

وأكد الكاتب إلى أن قيمة الأمم لا تقاس بما تحققه من إنجازات عسكرية، وإنما بما تتركه من إنجازات حضارية في أوقات السلم.

وبالتزامن يواصل الاحتلال الإسرائيلي قصفه المكثف لأحياء مدينة غزة، خاصة الغربية المكتظة بالنازحين القادمين من الأحياء الشرقية بعد عمليات التدمير المكثفة التي تجريها القوات الإسرائيلية هناك، بالتزامن مع تنفيذ عمليات تفجير للمنشآت السكنية في الأحياء الشمالية الغربية.

 وفي الثامن من الشهر الماضي، أقرت الحكومة الإسرائيلية خطة طرحها نتنياهو لإعادة احتلال قطاع غزة بالكامل تدريجيا، بدءا بمدينة غزة، التي يسكنها نحو مليون فلسطيني.

وبدعم أمريكي، ترتكب دولة الاحتلال منذ السابع تشرين الأول/ أكتوبر 2023 إبادة جماعية بغزة، خلّفت أكثر من 65 ألف شهيد و166 ألف مصاب، معظمهم أطفال ونساء، ومجاعة أزهقت أرواح مئات الفلسطينين بينهم عشرات الأطفال.
التعليقات (0)

خبر عاجل