خفضت وكالة ستاندرد أند بورز
التصنيف الائتماني للبحرين من +B إلى B بسبب تراجع الاحتياطيات وارتفاع الدين واستمرار اعتماد المالية العامة على النفط، بدوره، أكد صندوق النقد الدولي الصورة نفسها مع تحذير من تفاقم الدين ما لم تُعتمد إصلاحات أعمق.
اظهار أخبار متعلقة
وفي 21 تشرين الثاني/نوفمبر 2025، أصدرت وكالة "
ستاندرد أند بورز" تقريرها عن الوضعين المالي والاقتصادي في
البحرين، معلنة خفض التصنيف الائتماني للمملكة من +B إلى B، وهو ما يعكس انتقال الاقتصاد البحريني إلى منطقة حساسة على صعيد المخاطر، خصوصًا في ظل مكانة الوكالة كإحدى أبرز جهات التصنيف التي تؤثر مباشرة في ثقة المستثمرين وكلفة التمويل الخارجي، كما ويرتبط الخفض بتزايد الضغوط المالية والخارجية، ولا سيما مع استمرار تراجع احتياطيات العملات الأجنبية، وارتفاع مستويات الديون، وإمكانية تغيّر هيكلها سواء داخليًا أو خارجيًا.
المعايير المعتمدة
اعتمدت الوكالة في تقييمها على منهجية تقوم على تحليل 6 محاور تشمل الأداء المؤسسي والاقتصادي والخارجي والمالي والنقدي، مع مراعاة معايير البيئة والحوكمة والمسؤولية الاجتماعية، وأشار التقرير إلى أن المشهد المؤسسي في البحرين يتسم بمركزية عالية في صنع القرار، إذ تُعيَّن الحكومة من قبل الملك بينما يظل دور البرلمان محدودًا، ما يصعّب التنبؤ بالسياسات العامة، ويُضعف إمكانية تبنّي خيارات اقتصادية تضمن استدامة المالية العامة ونموًا متوازنًا، كما أن ضعف الشفافية وتوافر البيانات يؤثر في قدرة المستثمرين على قراءة الاتجاهات الاقتصادية بدقة.
ارتفاع احتياجات التمويل الخارجي وتدنّي الاحتياطيات
أما اقتصاديًا، فقد سجّل متوسط نمو نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي 0.6 بالمئة فقط خلال العقد الماضي، وهو مستوى أقل من الدول ذات الدخل المماثل، ما يعكس ضعف القدرة على تحقيق نمو طويل الأمد أو رفع الإنتاجية.
وعلى الصعيد الخارجي، رصد التقرير مخاطر واضحة ناتجة من ارتفاع احتياجات التمويل الخارجي وتدنّي الاحتياطيات لدى المصرف المركزي، إلى جانب فجوات البيانات المتعلقة بالقطاع الخاص غير المصرفي، ما يزيد من هشاشة الوضع الخارجي للبحرين ويُبقيها عرضة لارتفاع كلفة الاقتراض الدولي أو تقييد الوصول إلى الأسواق، وتتوقع الوكالة أن تبلغ تكلفة خدمة الدين حوالى 34 بالمئة من الإيرادات الحكومية، وهي من أعلى النسب بين الدول التي تخضع لتقييمها.
اعتماد كبير على إيرادات النفط
أما مالياً، فيشير التقرير إلى اعتماد كبير على إيرادات النفط التي تشكّل أكثر من 50 بالمئة من الإيرادات الحكومية، ما يجعل المالية العامة شديدة الحساسية لتقلبات الأسعار، كما أن نحو 40 بالمئة من الدين الحكومي مقوّم بعملات أجنبية، ويحتفظ غير المقيمين بحوالي 60 بالمئة من أدوات الدين التجاري، ما يزيد من مخاطر سعر الصرف وتقلبات الأسواق.
اظهار أخبار متعلقة
وعلى المستوى النقدي، يفرض ربط الدينار بالدولار الأميركي الحفاظ على احتياطيات مستقرة، إلا أن مستوياتها المتوقعة - بين 3.5 و4 مليارات دولار للفترة 2026–2028 - تبقى أقل من المطلوب قياسًا إلى حجم الالتزامات الخارجية واستحقاقات الدين البالغة 3.625 مليارات دولار خلال الأشهر الخمسة عشر المقبلة.
وتواجه البحرين اليوم مفترق طرق شبيهًا بما مرت به عُمان قبل سنوات قليلة. وقد أظهر المثال العماني أن الإصلاح الواقعي لا يأتي فقط عبر رفع الضرائب وتقليص الدعم، بل عبر إعادة هيكلة الإنفاق الحكومي، وإصلاح المؤسسات، وترسيخ الحوكمة والشفافية، وتمكين المواطن بدلًا من تحميله أعباء إضافية. أما تجاهل هذه العناصر والاكتفاء بالتقشف المالي، فيزيد هشاشة الطبقة الوسطى، ويعمّق الاختلالات، ويؤخر مسار التعافي.