تتواصل
التحذيرات الإسرائيلية من اتساع رقعة تهديد
الحوثيين، وسط إحباط متزايد من الفشل
في كبح جماحهم، زاد من إرسال مزيد من المقترحات والتوصيات لدوائر صنع القرار لدى
الاحتلال
لمحاولة ردعهم، ولكن دون ضمانات بنجاحها في ضوء الأيديولوجية والعقيدة التي توجههم.
الجنرال
عاموس يادلين الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات العسكرية- أمان، ورئيس ومؤسس منظمة
"مايند يسرائيل"، وآري هاستين مستشار للشركات الناشئة في مجال المبيعات
ومستشار بشأن التهديد الحوثي، أشارا إلى أن "فهم كيفية اتخاذ الحوثيين
لقراراتهم يشكل تحدياً كبيراً أمام تل أبيب، لأننا أمام جماعة بعيدة ومعزولة
وغامضة، ولكن إذا أراد تطوير استراتيجية لمواجهتهم أو هزيمتهم، فيتعين عليه أن
يفهم كيف يفكرون، وما هي الأيديولوجية والعقيدة التي توجههم".
وأضافا
في مقال مشترك نشرته
القناة 12، وترجمته "
عربي21" أن "إلحاق الضرر
بالحوثيين يتطلب الإجابة على أسئلة صعبة: هل يمكن ردعهم، وما الأفعال التي تؤثر
على نواياهم، وما هي المدة الزمنية اللازمة ليكون هذا الردع فعالا؟ لذلك فإن عدم
توفر هذه الإجابات لن يساعد الاحتلال في بلورة الاستراتيجية الشاملة ضدهم بكل
مكوناتها، مما يستدعي التركيز على ثلاثة تفاهمات مركزية نستمد منها الاستراتيجية
المطلوبة".
خطة عمل عملياتية
وأوضحا
أن "الهدف الأساسي للحوثيين هو تدمير إسرائيل، وهذا ليس شعارًا، بل عقيدة
دينية جهادية، تؤدي لخطة عمل عملياتية، ومن ثم فإن الاستراتيجية المبنية على الردع
فقط تتطلب اختباراً مستمراً لفعاليته لتجنب الفشل كما حدث في هجوم حماس في السابع
من أكتوبر، الذي وقع فعلياً بعد انتهاء صلاحية ردعها".
وأكدا
أنه "بسبب الدور المركزي لفكرة تدمير إسرائيل في أيديولوجية الحوثيين، فإن
مقولة "الصمت يُقابَل بالصمت" قد تكون مرة أخرى استراتيجية مضللة على
المدى الطويل، لأن الحديث يدور عن دولة يديرونها، وليس منظمة فقط، وقد يختارون وقف
الهجمات علينا أو الشحن الدولي إن تعرضوا لضربة شديدة غير متوقعة، أو لأضرار كبيرة
تؤثر على قدرتهم في العمل والسيطرة، وتجبرهم على إعادة تقييم استراتيجيتهم، رغم
أنهم مثل حماس وحزب الله، فإن أيديولوجيتهم تملي أن تدمير إسرائيل هو واجب أسمى،
حتى لو تطلب الأمر الصبر".
وأشارا إلى أن "الهدف النهائي لا يتغير بعد الهزيمة التكتيكية، بل يشكل قراراً
استراتيجياً بأخذ قسط من الراحة وإعادة التسلح، وإعادة تقييم التكتيكات،
والاستعداد للجولة التالية، لذلك فإننا نؤكد بوضوح أن ردع الحوثيين ليس الهدف
النهائي، بل نقطة تحول في استراتيجية أوسع، وإذا اختارت إسرائيل تحديد الردع، ووقف
إطلاق النار كهدف لها، فهذا يجب أن يقترن بجهد طويل الأمد لإسقاطهم تحت ضغط عسكري
واقتصادي وتنظيمي هائل، لأن إهمال هذا الهدف بعد تحقيق الردع المؤقت وصفة لمفاجأة
أخرى من عدو أثبت بالفعل قدرته على المفاجأة".
وأضافا
أن "نوعية الإجراءات التي قد تؤثر على نوايا الحوثيين تستدعي بالضرورة النظر
لتصورهم للحرب ضد إسرائيل، مما يبدد مزاعم البعض عن إمكانية ردعهم بعد بضع ضربات
قاسية، مع تقديرات بأنهم مهتمون فعليا بجرّها لحرب استنزاف، وهم على استعداد لدفع
أي ثمن من أجل رأس المال السياسي، ووضعهم كقوة عظمى، وهو الكيان الوحيد في محور
المقاومة الذي يواصل ضربها، مع أن الحقيقة تقول إن كلا الادعاءين معقولان، رغم
أنهم يقدمون أنفسهم كمنظمة مستعدة للتضحية بكل شيء من أجل أيديولوجيتها، ولا يمكن
ردعهم".
وأشارا إلى
أن "العديد من المعلقين الغربيين والإسرائيليين يعيدون تدوير دعاية الحوثيين
القائلة بأنه لا يمكن ردعهم، وهو ما يستغلونه
لتكرار هذه الأسطورة في وسائلهم الإعلامية، حيث يستفيدون داخلياً وخارجياً من
الهيبة والتعبئة الشعبية التي تصاحب المشاركة في الصراع ضد الاحتلال، ويبدون
مستعدين للمخاطرة أكثر من نظرائهم المدعومين من إيران في العراق ولبنان، الذين
سعوا لإبقاء الحرب ضده منخفضة الشدة، وبهذا المعنى، يمكن النظر إليهم بوصفها أقرب
لوجهة نظر حماس التي تعمل بكل قوة لخدمة أهدافها الأيديولوجية والسياسية".
تجنب الوقوع في الفخ
واستدركا
بالقول إن "الحوثيين الذين تحركهم الأيديولوجية لا يزالون يريدون تجنب خسارة
السلطة في اليمن، وسيوقفون الهجمات ضد إسرائيل إذا واجهوا تكاليف باهظة تعرض
مصالحهم الحيوية للخطر، مما يستدعي من الجيش الإسرائيلي التوفيق بين ممارسة الضغط
عليهم، وتجنّب الوقوع في فخّهم، بحيث يوجه ضربات قوية، وحكيمة أيضاً، بالتركيز على
أهداف محددة تلحق أقصى قدر من الضرر بآلتهم الحربية وبنيتهم التحتية".
ودعيا إلى
"تنسيق تل أبيب لتحركاتها ضد الحوثيين مع شركائه الإقليميين، لضمان ألا تكون
النتيجة إضعافهم فحسب، بل تعزيز المعسكر المناهض لهم داخل اليمن، بزعم أنهم يلحقون
الضرر بالعديد من دول الشرق الأوسط، وإظهار أن الجهود الإسرائيلية تهدف لإضعافهم،
وإذا نجحت، سيستفيد منها جميع اللاعبين الذين يعانون منهم".
وزعما أن
"الحوثيين سيحاولون مفاجأة إسرائيل، رغم أنهم لا يتشاركون حدوداً معها،
وسيواجهون صعوبة بشنّ هجوم مماثل للسابع من أكتوبر، لكنهم قد يكيفون السيناريو
وفقاً لموقعهم وقدراتهم، ويعملون على تحسينها، ويتلقون دعما كبيرا من إيران،
ومستقبلا قد يتجهون لروسيا وكوريا الشمالية ودول أخرى لمساعدتهم بإنتاج كميات أكبر
أو أسلحة ذات جودة أفضل، مع العلم أنهم وصلوا للعراق وسوريا ولبنان، ولا ينبغي
لإسرائيل أن تسمح لهم بالاقتراب من حدودها".
وأوضحا
أن "الحرب الإعلامية مع الحوثيين تأتي في هذا السياق، وهي المسماة
"الحرب الناعمة"، حيث استثمروا بتنمية جهاز الدعاية الخاص بهم، الذي
يعتبرونه مكملاً للسلطة العسكرية، ويشارك فيه شخصيات إعلامية بارزة، ويعمل العديد
من كبار مسؤوليهم بهذا الجهد الإعلامي من بلدان مختلفة، مثل لبنان وإيران وعمان
والعراق، مما يتطلب شنّ حملة حازمة ضد ذراعهم الإعلامي، وطرد أنصارهم الإعلاميين من
تلك البلدان، وإلحاق الضرر ببنيتهم التحتية المادية والسيبرانية، واستهداف
الشخصيات البارزة العاملة خلف الكواليس".