سياسة دولية

رئيس "هند رجب": الشراكة الأوروبية الإسرائيلية تواطؤ في إبادة غزة

أبو جهجه: رفعنا قضية ضد 1000 جندي إسرائيلي في المحكمة الجنائية الدولية- الأناضول
انتقد الحقوقي البلجيكي دياب أبو جهجه، مؤسس ورئيس مؤسسة "هند رجب" الحقوقية استمرار عمل مجلس الشراكة بين الاتحاد الأوروبي و"إسرائيل"، واعتبره "شكلا من أشكال التواطؤ" في الحرب ضد قطاع غزة وفي انتهاكات حقوق الإنسان.

وحذر أبو جهجه، في مقابلة مع وكالة "الأناضول" من تنامي مستوى العلاقات بين الاتحاد الأوروبي و"إسرائيل" خلال الفترة المقبلة، إثر محاولات من بعض الدول الأعضاء في الاتحاد "فتح صفحة جديدة" مع "تل أبيب"، بعد التوترات التي سادت بينهما خلال حقبة الممثل الأعلى السابق للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والأمنية جوزيب بوريل.

كما أنه كشف عن أمله في أن تصدر مذكرة اعتقال ضد وزير خارجية الاحتلال الإسرائيلي غدعون ساعر مع زيارته العاصمة بروكسل لحضور اجتماع الشراكة، على خلفية الشكوى الرسمية التي تقدمت بها مؤسسته ضد ساعر إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، بتهمة "التواطؤ في جرائم إبادة جماعية بقطاع غزة".

وقال أبو جهجه: "إذا أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال، أو ربما أصدرتها بالفعل، وأعلنت عنها في اليوم الذي يصل فيه ساعر إلى بروكسل، فستضطر بلجيكا إلى اعتقاله".

ومؤسسة "هند رجب"، مقرها بلجيكا، وتعمل على توثيق وجمع الأدلة حول انتهاكات حقوق الإنسان والجرائم المرتكبة في الأراضي الفلسطينية، وتستهدف ملاحقة القادة والعسكريين الإسرائيليين قضائيا في الساحات الدولية.

وسميت المؤسسة على اسم "هند" الطفلة الفلسطينية التي لم تكمل ربيعها السادس حين قتلها الجيش الإسرائيلي بقصف سيارة لجأت إليها مع ستة من أقاربها في حي تل الهوى جنوب غرب مدينة غزة، في 29 كانون الثاني/ يناير 2024، وكانت قد حوصرت بداخلها لساعات وتوسلت لمسؤولي الهلال الأحمر أن ينقذوها قبل أن يتم العثور على جثمانها.

شكل من أشكال التواطؤ
وقال دياب أبو جهجه إن اجتماع مجلس الشراكة بين الاتحاد الأوروبي و"إسرائيل" المقرر عقده في العاصمة البلجيكية بروكسل في 24 شباط/ فبراير الحالي هو "شكل من أشكال التواطؤ في إبادة غزة".

واعتبر أن عقد الاتحاد لهذا المجلس مع "إسرائيل" "أمر فظيع لا يمكن تبريره".

ومن المقرر أن يكون هذا الاجتماع هو الثالث عشر لمجلس الشراكة بين الطرفين، وسيرأس المجلس عن الجانب الأوروبي الممثلة السامية للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية كايا كالاس، وعن جانب الاحتلال وزير الخارجية غدعون ساعر، بحضور مفوضة شؤون منطقة المتوسط دوبرافكا سويكا وممثلين عن الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.

ونتج هذا المجلس عن اتفاقية الشراكة بين "إسرائيل" والاتحاد الأوروبي التي دخلت حيز التنفيذ عام 2000، وتعد الأساس القانوني الذي يحكم العلاقات بين "إسرائيل" والاتحاد الأوروبي، وتنص مادتها الثانية على احترام حقوق الإنسان.

وبجانب "مجلس الشراكة" الذي يعقد على المستوى الوزاري أنشأت الاتفاقية هيئة ثانية للحوار وهي "لجنة الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل"، وتُعقد على مستوى المسؤولين الكبار في فترات منتظمة لمناقشة القضايا السياسية والاقتصادية.

مخاوف أوروبية
وأوضح أبو جهجه أن التطبيع مع حكومة ارتكبت إبادة جماعية في غزة في هذه المرحلة هو "شكل من أشكال التواطؤ".

وأضاف: "حتى لو لم يكن الاتحاد الأوروبي يريد القيام بالشيء الصحيح في هذه المرحلة، وهو إلغاء اتفاقية الشراكة، فينبغي على الأقل تجميدها وتعليقها حتى يتم التوصل إلى قرار في القضية التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد "إسرائيل" في محكمة العدل الدولية".

ونهاية كانون الأول/ ديسمبر 2023، تقدمت جنوب أفريقيا بدعوى شاملة رفعتها إلى محكمة العدل الدولية، تتهم فيها "تل أبيب" بـ"ارتكاب جرائم إبادة جماعية" في قطاع غزة، ولاحقا تقدمت دول بينها تركيا ونيكاراغوا وكولومبيا، بطلبات للانضمام إلى القضية.

وتريد بعض الدول الأعضاء لاسيما إيرلندا وإسبانيا، من الاتحاد الأوروبي إنهاء اتفاقية مجلس الشراكة، التي تمنح امتيازات تجارية لـ"إسرائيل" على أساس شرط "الالتزام بحقوق الإنسان والقانون الدولي" المذكور في مادتها الثانية.

ومن المتوقع أن تطرح بعض الدول الأعضاء خلال الاجتماع مسألة المادة الثانية، في حين أن من المتوقع أن تدعو دول أخرى إلى فتح صفحة جديدة بعد حقبة الممثل الأعلى السابق جوزيف بوريل التي توترت خلالها العلاقات مع "إسرائيل".

وسبق أن أعلنت الممثلة العليا الجديدة، كالاس، أنها ستدعو إلى عقد اجتماع لمجلس الشراكة بين الاتحاد الأوروبي و"إسرائيل" بعد توليها منصبها في الأول من كانون الأول/ ديسمبر 2024، ما يسمح للدول الأعضاء بنقل مخاوفها بشكل مباشر إلى الجانب الإسرائيلي.

ملاحقة الجنود الإسرائيليين
وعن عمل المؤسسة، أشار أبو جهجه إلى أنهم ينفذون العمل على 3 مستويات، وإن أولويتهم هي "الجنود الإسرائيليون الذين يحملون الجنسية المزدوجة".

وذكر أنهم في المستوى الثاني يقومون بتحريك السلطة القضائية في أي دولة ضد الإسرائيليين المسافرين إليها.

وتطرق أبو جهجه إلى "تهريب ’إسرائيل’ جنديين من جنودها بعد أن قُدمت شكوى ضدهما في هولندا".

وقال: "كان لدينا أيضا قضية شهيرة رفعناها في البرازيل، هناك، وبعد إحدى قضايانا، أصدر القاضي أمرا بالتحقيق ضد أحد الجنود الإسرائيليين، ومرة أخرى قامت ’إسرائيل’ بتهريبه".

وأضاف: "حتى في هولندا، حيث لا توجد حكومة معادية لـ’إسرائيل’ في الوقت الحالي، فإنهم لا يجرؤون (الجنود الإسرائيليون) على المخاطرة بالمثول أمام المحكمة، لأنهم يعلمون أن أي قاض جاد يحترم نفسه يجب أن يصدر حكما ضد مجرمي الحرب هؤلاء عند النظر في قضاياهم".

وفي ما يتعلق بالمستوى الثالث الذي تعمل عليه مؤسسته، أوضح أبو جهجه أنهم في هذا المستوى "تقدموا بطلبات إلى المحكمة الجنائية الدولية".

وتابع: "رفعنا العديد من القضايا في إطار هذا المستوى، بينها قضية ضد 1000 جندي إسرائيلي في المحكمة الجنائية الدولية، وهذه في الواقع 1000 قضية فردية، وكان هدفنا هنا أرشفتها حتى لا تضيع أبدا".

وأكد أن المحكمة الجنائية الدولية متخصصة في الأسماء الكبيرة مثل الوزراء والقادة.

بلجيكا ملزمة باعتقال ساعر
وفي السياق، تطرق أبو جهجه إلى الشكوى الرسمية التي قدمتها مؤخرا مؤسسة "هند رجب" الحقوقية إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي ضد وزير الخارجية الإسرائيلي غدعون ساعر، بتهمة "التواطؤ في جرائم إبادة جماعية بقطاع غزة".

وعن احتمال اعتقال ساعر لدى زيارته القريبة إلى بروكسل، قال أبو جهجه: "إذا أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال، أو ربما أصدرتها بالفعل، وأعلنت عنها في اليوم الذي يصل فيه ساعر إلى بروكسل، فستضطر بلجيكا إلى اعتقاله".

وأضاف: "ليس أمام بلجيكا خيار سوى اعتقاله، وإذا لم تعتقله، فهي لا تمتثل للقانون الدولي".

وأوضح أنه حتى لو قدم الاتحاد الأوروبي ضمانات أمنية، فإن ساعر قد يتم اعتقاله في الفندق الذي يقيم فيه في بروكسل لأنه سيدخل ضمن السيادة البلجيكية.

وأردف: "أرى أنه يجب ألا يسافر مجرمو الحرب وهم مرتاحو البال".

وذكَّر أبو جهجه بأن ساعر نفى وجود فلسطين في مؤتمر ميونخ للأمن الذي عقد في الفترة من 14 إلى 16 شباط/ فبراير الجاري، وأن هذه التصريحات نشرتها وسائل إعلام إسرائيلية أيضا.

وفي 21 تشرين الثاني/ نوفمبر 2024، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية، مذكرة اعتقال بحق نتنياهو ووزير الحرب السابق في حكومته يوآف غالانت، لارتكابهما جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة.

وبدعم أمريكي، شنت "إسرائيل" حربا على غزة بين 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 و19 كانون الثاني/ يناير 2025، أسفرت عن أكثر من 160 ألف شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على الـ14 ألف مفقود، وفق معطيات فلسطينية.