سجلت مناطق شمال شرق
سوريا الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية (
قسد) منذ توقيع زعيم الأخيرة مظلوم عبدي، اتفاقاً مع الرئيس السوري أحمد الشرع، في 10 آذار/ مارس الحالي، عشرات حالات الاعتقال الموثقة بحق أبناء
العشائر العربية من الذين شاركوا في احتفاليات الثورة السورية، أو رفعوا علم سوريا.
وأفرجت "قسد" تحت الضغط الشعبي، عن بعض المعتقلين، وخاصة بعد المطالبات بوقف
الاعتقالات، ومطالبة
الحكومة السورية بالتدخل للإفراج عن المعتقلين، واتخاذ الإجراءات اللازمة لحمايتهم.
وذكر بيان صادر عن ناشطين من أبناء المحافظات الشرقية، أن الاعتقالات طالت مؤيدين للحكومة السورية أو أنصارا للثورة، إضافة إلى أشخاص شاركوا في إحياء الذكرى الرابعة عشرة للثورة.
وكان من المُنتظر بعد التوصل إلى الاتفاق الذي ينص على دمج كافة المؤسسات المدنية والعسكرية التابعة لـ"قسد" ضمن مؤسسات الدولة السورية، أن تفتح "قسد" مناطقها، وأن تُلغي الاعتقالات بحق الموالين للدولة السورية، لكن ما جرى خلال الأيام الماضية، كان مخالفاً للتوقعات.
ويفسر الكاتب والسياسي الكردي علي تمي، ذلك بـ"وجود تيارات داخل قسد"، ويقول: " نعم من يقود الميدان هو حزب العمال الكردستاني، أما قسد فهي مجرد واجهة للتعاطي مع التحالف الدولي، هناك تصاعد في الاعتقالات والسبب أن هناك طرفا داخل "قسد" يعارض تسليم المنطقة للحكومة ويستعد للحرب".
ورجح في حديثه لـ"عربي21"، أن لا يطبق الاتفاق الموقع بين الشرع وعبدي، لسببين: الأول- أن قرار "قسد" هو عرضة للمصادرة، وبالتالي فهي لا تستطيع الالتزام بتعهداتها، أما السبب الثاني- بحسب تمي، فهو على صلة بتركيا التي لن تسمح أبدا ببقاء هذا الحزب في سوريا.
وكانت شبكة "الخابور" المراقبة للأحداث في شمال شرق سوريا، قد أكدت أن "قسد" لا تزال تعتقل بعض عناصرها من الذين أُلقي القبض عليهم في 10 آذار الجاري، وذلك على خلفية الاحتفالات التي رافقت توقيع الاتفاق بين الرئيس السوري أحمد الشرع ومظلوم عبدي.
ويقول رئيس "المجلس الأعلى للقبائل السورية"، الشيخ مضر حماد الأسعد، إن "قسد" تعرضت لضغط دولي وسياسي (أمريكي)، وعسكري (تركي) حتى ذهبت نحو الاتفاق مع الدولة السورية، ما يعني أنها أجبرت على الاتفاق، ولذلك فهي تماطل في تطبيق بنوده.
حسابات متعلقة بالعشائر العربية
ويضيف لـ"عربي21" أنه بعد الاتفاق أخذت العشائر العربية دعماً كبيراً من القيادة السورية ومن الشعب السوري، وهذا ما أخاف "قسد"، ودفعها إلى شن الاعتقالات بحق كل من يظهر الولاء للدولة السورية في مناطق سيطرتها، وخاصة من المكون العربي.
وبجانب ذلك، تحدث حماد الأسعد عن صراع أجنحة تعيشه "قسد"، بين تيار داعم للاتفاق مع الدولة السورية، وآخر يتبع لـ"العمال" الكردستاني (قنديل)، يرفض الاتفاق، ويمعن في الانتهاكات بحق المدنيين.
وقال الشيخ القبلي، إنه لم يبق أمام "قسد" إلا المماطلة في تنفيذ البنود التي تم التوافق عليها مع دمشق، وأضاف: "تقوم "قسد" بتنفيذ الاعتقالات للقول إنها ما زالت الطرف المسيطر".
قطع الطريق على حكومة دمشق
أما الباحث بالشأن السوري أحمد السعيد، فيرى أن الاعتقالات بحق المدنيين، تأتي في إطار "تحسب قسد لفشل الاتفاق"، موضحاً لـ"عربي21" أن "قسد تخشى أن يكون هناك صلة لهؤلاء مع الدولة السورية، واعتقالهم يأتي في إطار قطع الطريق على حكومة دمشق".
وكان ناشطون قد طالبوا الحكومة السورية في دمشق بالتدخل العاجل للإفراج عن جميع المعتقلين واتخاذ التدابير اللازمة لحمايتهم، وحذروا من أن "التهاون مع هذه الممارسات قد يؤدي إلى تصعيد أوسع ويفتح الباب لمزيد من التجاوزات بحق المدنيين".
وتسيطر "قسد" على محافظتي الرقة والحسكة وريف دير الزور الشرقي، وهي مناطق غنية بالثروات النفطية والزراعية.