ملفات وتقارير

ماذا وراء إبطال صدام حفتر قرار حكومة "حماد" بمنع اللحية في ليبيا؟

أكد مراقبون أنّ "حكومة حماد ما هي إلى واجهة سياسية للقيادة العسكرية"- فيسبوك
تراجعت الحكومة المكلفة من مجلس النواب الليبي عن قرارها الخاص بمنع إطلاق اللحية لضباط وأفراد وزارة الداخلية بسبب قرار مضاد لنائب قائد القيادة العامة في شرق ليبيا صدام حفتر، ما أثار تساؤلات عن نفوذ حفتر الابن على الحكومة وقراراتها وما إذا كان قراره مغازلة لأتباع المداخلة والسلفيين.

وفي السابع عشر من الشهر الجاري، قررت وزارة الداخلية بحكومة حماد (شرق ليبيا) حظر إطلاق اللحية على جميع منتسبي هيئة الشرطة، مطالبة بالالتزام التام بالتعليمات واللوائح المنظمة للعمل الأمني والشرطي، وذلك بهدف الحفاظ على المظهر الانضباطي الموحد لرجال الشرطة، وفق القرار.

وسارع وكيل وزارة الداخلية، فرج قعيم بمطالبة مديري الإدارات العامة والأجهزة الأمنية بمباشرة تنفيذ القرار فورا، والتنبيه على العناصر المخالفة باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحقهم".

صدام يتدخل
وبعد 3 أيام فقط، تدخل نائب قائد القيادة العامة، صدام حفتر وألغى القرار الحكومي الذي عممته وزارة الداخلية على جميع المديريات.

وقال وكيل الوزارة، فرج قعيم (الذي شدد على تنفيذ قرار منع اللحية): "طبقا لتعليمات سيدي نائب القائد العام يتم إيقاف العمل بالكتاب القاضي بحظر إطلاق اللحية على جميع أعضاء هيئة الشرطة بالوزارة"، وفق بيان.

مراقبون للوضع في شرق ليبيا أكدوا أن هذه التصرفات تؤكد أن حكومة حماد ما هي إلا مجموعة من الموظفين لدى القيادة العامة والتي تنفرد هي وفقط باتخاذ القرارات أو إلغائها، ما يشير إلى أنها مجرد واجهة سياسية للقيادة العسكرية.

وتواصلت "عربي21" مع المكتب الإعلامي لوزارة الداخلية بحكومة حماد للتعليق على الأمر وتوضيح ملابسات القرار والتراجع عنه إلا أنها لم تتلق أي تعليق.

والسؤال: هل يغازل صدام حفتر أتباع المداخلة والسلفيين في الشرطة برفضه منع إطلاق اللحية؟ وما دور حفتر الابن بوزارة الداخلية؟



من جهته، رأى أستاذ علم الاجتماع السياسي والأكاديمي الليبي، رمضان بن طاهر أن "تراجع الحكومة المكلفة من البرلمان عن قرار منع إطلاق اللحية لجهاز الشرطة يعكس حجم التأثير المتبادل بين المؤسسات الرسمية والفاعلين المؤثرين على الأرض، بما فيهم التيارات الدينية التي لها حضور تنظيمي داخل الأجهزة الأمنية".

وأشار في تصريحات لـ"عربي21" إلي أنه "يمكن فهم هذه الخطوات ضمن حسابات اجتماعية وسياسية تراعي طبيعة البنية المحلية والولاءات القائمة، وليس فقط كمسألة انضباط إداري، وهو أمر متوقع في مرحلة انتقالية تمر بها ليبيا"، وفق تقديره.

في حين تساءل الكاتب والباحث الليبي، فرج دردور عن علاقة صدام حفتر وهو نائب لقائد الجيش هناك بقرار يخص وزارة الداخلية، مؤكدا أن هذا هو السلوك اليومي في ليبيا والذي يثبت كل يوم أنها دولة "ميليشيات وعصابات" فمن يمتلك القوة يتحكم في كل مناحي الحياة.

وأوضح في تصريح لـ"عربي21" أنه "بناء على ما سبق فالمرجح أن صدام حفتر قد طلب من قعيم إصدار هذا القرار، ليأخذ ضجة ويثير ثائرة السلفيين، ثم يأتي صدام كمنقد ومدافع عن السلفيين، وبالتالي يتحصل على رخصة إضافية وهي طاعة ولي الأمر في منهج من يدعون السلفية في ليبيا"، حسب تعبيره.

وأضاف: "هذا الكلام ليس من بنات أفكاري، وإنما هو أيضا حديث الساعة في الشارع الليبي، وهو أنها مسرحية سيئة الإخراج، بل أن صدام أثبت من خلال هذا التصرف بأنه يتحكم في كل مناحي الحياة في شرق ليبيا وأنه يقود مليشيات تجعله يحكم بالقمع"، كما رأى.

القرار للترضية
الناشط السياسي الليبي، أحمد بن ناجي قال من جانبه إن "القرار مند البداية كان عبارة عن جس نبض لتمرير مثل هذا القرار، وثانيا أنه جاء للتغطية على مؤتمر الإعلام العربي الذي عقد في بنغازي وأزعج غالبية الليبيين لما شهده من أمور تخالف العادات والتقاليد الليبية".

وأكد أن "قرار الإلغاء من صدام جاء حتى يوضح  للسلفيين الداعمين له بأنه حريص على الشريعة وتطبيقها، أما بخصوص صدام حفتر نفسه فهو الحاكم الفعلي لشرق ليبيا ومن يدعي غير ذلك فهو واهم، والحكومة والبرلمان عبارة عن عمال لدى "القيادة العامة"، بحسب تصريحه لـ"عربي21".