نشر موقع "ذي إنترسبت" تقريراً أعدته الصحفية كافيتا تشيكورو، تناول قصة مها وافي، التي اختطف جنود الاحتلال
الإسرائيلي زوجها المسعف أنيس الأسطل، مدير خدمات الإسعاف في جنوب
غزة، أثناء تأديته مهمة إجلاء المرضى في كانون الأول/ديسمبر 2023، وما زال محتجزاً منذ ذلك الوقت دون تهمة.
قالت وافي للموقع إنها شعرت بسعادة غامرة عند إعلان وقف إطلاق النار في 12 تشرين الأول/أكتوبر، معتقدة أن زوجها سيكون بين من سيُفرج عنهم ضمن صفقة التبادل، إلا أن الأمل سرعان ما تبدد حين اكتشفت أنه لم يكن من بين المفرج عنهم.
وأوضحت أنها وأطفالها الخمسة انتظروا طوال الليل عودته، لتتلقى لاحقاً اتصالاً من أحد زملائه يؤكد عدم وجوده بين المفرج عنهم، مضيفة أن الصدمة كانت شديدة على الأسرة، خاصة أطفالها الصغار.
وذكرت الصحفية أن الأسطل من بين 95 عاملا طبيا فلسطينيا، بينهم 80 من غزة، ما زالوا رهن الاحتجاز في السجون الإسرائيلية دون تهمة، وفقا لمنظمة "مرصد العاملين في مجال الرعاية الصحية"، التي أكدت أيضاً أن أكثر من 400 من العاملين الطبيين الفلسطينيين اعتُقلوا منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، بينهم مدير مستشفى كمال عدوان، الدكتور حسام أبو صفية.
وأشارت المنظمة إلى أن السلطات الإسرائيلية اعتقلت معظمهم أثناء عملهم في سيارات الإسعاف أو داخل المستشفيات، رغم أن القانون الدولي الإنساني يمنحهم حماية خاصة.
وأوضحت المنظمة أن جيش الاحتلال الإسرائيلي استهدف المستشفيات في غزة مرارا، ومنع دخول الإمدادات الطبية، ما أدى إلى استشهاد أكثر من 1700 من الكوادر الصحية، ووصفت الأمم المتحدة تلك الاعتداءات بأنها "تدمير ممنهج لنظام الرعاية الصحية" أو ما يُعرف بـ"الإبادة الطبية".
وبين التقرير أن الفلسطينيين المحتجزين، ومنهم الأسطل، يعتقلون بموجب "قانون المقاتلين غير الشرعيين"، الذي يسمح باحتجازهم إلى أجل غير مسمى دون تهمة أو محاكمة، ودون السماح لهم بمقابلة محام لأكثر من شهرين. وأكدت منظمة العفو الدولية أن هذا القانون يُستخدم بشكل تعسفي لاحتجاز المدنيين من غزة.
وأورد التقرير شهادة الدكتور أحمد مهنا، المدير السابق لمستشفى العودة، الذي أفرج عنه في صفقة التبادل الأخيرة بعد عام وعشرة أشهر من الاعتقال، وقال إنه فقد 30 كيلوغراماً من وزنه خلال فترة احتجازه، وتعرض للتعذيب والإهانة في سجن "سدي تيمان" العسكري، حيث يحتجز السجناء الفلسطينيون في أقفاص صغيرة وسط ظروف قاسية، وأضاف أن التعذيب النفسي كان جزءاً من سياسة إذلال المعتقلين وحرمانهم من التواصل مع عائلاتهم.
وأشار ناجي عباس، مدير قسم الأسرى في منظمة "أطباء من أجل حقوق الإنسان في إسرائيل"، إلى أن عشرات المعتقلين الفلسطينيين توفوا في سجن "سدي تيمان"، مؤكداً أن بعضهم "ضُرب حتى الموت".
وذكر مهنا أن المحامين كانوا ممنوعين من زيارتهم، وأنه التقى محاميه ثلاث مرات فقط خلال 22 شهرا من اعتقاله، فيما استخدم الحراس التهديد والتخويف لإرهاب المعتقلين.
أما زوج وافي، أنيس الأسطل، فقد كانت آخر مهمة له قبل اعتقاله هي إجلاء المرضى من شمال غزة، وهي مهمة منسقة مع الجانب الإسرائيلي، بحسب زميله محمد أبو سمك، الذي أفرج عنه بعد أسبوعين من الاعتقال، وقال أبو سمك إن قوات الاحتلال الإسرائيلية احتجزتهم عند حاجز نتساريم رغم حصولهم على الموافقة، وتعرضوا للتعذيب أثناء الاستجواب.
وأشار التقرير إلى أن الأسطل ما زال محتجزا دون تهمة، فيما توفي زميله حمدان عنبة خلال الاعتقال.
وأكدت منظمة "جيشا" الحقوقية الإسرائيلية أن السلطات الإسرائيلية رفضت تسليم جثمانه أو الكشف عن سبب وفاته، مشيرة إلى أن سلوك الدولة "ينتهك القانون الدولي ويثير مخاوف جدية بشأن الإخفاء القسري وغياب التحقيقات الفعالة في الوفيات أثناء الاحتجاز".
وأوضح التقرير أن عنبة واحد من 75 فلسطينيا، بينهم أربعة عاملين طبيين، توفوا أو استشهدوا داخل السجون الإسرائيلية منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023.
ونقل الموقع عن الدكتور مهنا قوله إن عودته إلى غزة بعد الإفراج عنه كانت صادمة، إذ وجد القطاع مدمرا بالكامل.
وأضاف: "لا رفح، لا خان يونس، لا مدينة غزة... كل شيء مدمر، لا مدارس، لا مستشفيات، لا جامعات، لا شيء على الإطلاق"، مؤكدا أن الكارثة لا تقتصر على الدمار المادي، بل تشمل فقدان مئات الأرواح من زملائه العاملين في القطاع الصحي.