يشهد
الساحل السوري
منذ سقوط نظام الأسد في الثامن من كانون الأول / ديسمبر الماضي فراغاً سياسياً وأمنياً
واسعاً، مع استمرار تحول مقاتلي الجيش السوري السابق نحو صفوف قوات
سوريا الديمقراطية.
وبحسب
صحيفة
الأخبار اللبنانية أفادت مصادر بأن نحو أربعة آلاف مقاتل من الجيش السابق انضموا إلى
"قسد"، بينما ظهرت حالات مماثلة بأعداد محدودة في محافظة السويداء، في وقت
كان فيه عدد المقاتلين الذين لجأوا إلى لبنان يتراوح بين ستة وثمانية آلاف قبل سقوط
النظام.
وأضافت الصحيفة أنه
وفي خطوة مفاجئة، أوقف رجل الأعمال رامي مخلوف جميع أشكال الدعم المالي للعسكريين والأمنيين
والإعلاميين
العلويين المقربين منه داخل سوريا أو الفارين إلى لبنان، وهو ما عزز الانقسام
بين من يدعم الحل العسكري ومن يرى ضرورة تبني الحل السياسي من خلال مد الجسور مع القوى
الإقليمية والدولية.
وبحسب التقارير، يبدو
الساحل السوري بلا ظهير سياسي أو اجتماعي منذ سقوط النظام، على عكس مناطق أخرى في جنوب
البلاد أو شمالها وشمالها الشرقي، الأمر الذي انعكس على ارتفاع حالات العنف والقتل
والخطف بشكل يومي، مع استمرار تحميل الطائفة العلوية مسؤولية ممارسات النظام السابق.
أما القوى السياسية
في الساحل، فقد ظلت تتعامل مع السلطة الجديدة بحذر، حيث اعتبرت بعض المجموعات ما جرى
في 8 كانون الأول/ ديسمبر تغييرات لا تلبي
تطلعات السكان المحليين، ومن بين أبرز القوى السياسية الفاعلة في الساحل، برزت ثلاث
مجموعات بعد سقوط النظام: الأولى، "الحركة المدنية الديمقراطية"، التي تضم
عدة تنظيمات ومبادرات وتجمعات سياسية مدنية حديثة، وتركز على بناء دولة مدنية ديمقراطية،
والثانية، "حركة الشغل المدني" التي أسسها المحامي عيسى إبراهيم وأطلقت المجلس
السياسي لوسط وغرب سوريا، بينما الثالثة، "التيار السوري المدني الحر"، أُعلن
عن تأسيسه في كانون الثاني 2025 كمبادرة مقرها الولايات المتحدة، ويهدف إلى إعادة بناء
الدولة على أسس وطنية ومدنية وديمقراطية.
وأظهر التقارير أن
الفراغ السياسي والأمني في الساحل مستمر منذ سقوط النظام، مع تداعيات كبيرة على الشارع
المحلي، حيث يشعر السكان بالتيه نتيجة فقدان بوصلة واضحة، فيما تستمر التوترات بين
القوى المختلفة على خلفية اختلاف الرؤى حول الحل العسكري مقابل الحل السياسي، وسط استمرار
التحولات في ولاءات المقاتلين والانقسامات داخل الطائفة العلوية.
ويشير السجل التاريخي
إلى أن حالة الفراغ الحالية ليست وليدة اللحظة، بل هي جزء من سياسات النظام السابق
الذي عمل على تفكيك البنى التقليدية للمجتمع العلوي وإقصاء الزعامات المحلية والسياسية
والاجتماعية، مع تركيز السيطرة على الساحل بشكل كامل، ما جعل المنطقة أكثر تأثراً بالتغيرات
السياسية والأمنية بعد سقوط النظام.