قضايا وآراء

السيسي وتهجير الفلسطينيين إلى مصر!!

عصام تليمة
لقد كانت عبارات السيسي التي رفض بها تهجير أهل غزة، معبرة عن واقع لا تخطئه عين راصد لمسيرة السيسي.. الأناضول
لقد كانت عبارات السيسي التي رفض بها تهجير أهل غزة، معبرة عن واقع لا تخطئه عين راصد لمسيرة السيسي.. الأناضول
فاجأ الرئيس دونالد ترامب الجميع، بإعلانه أنه سيتصل بالملك عبد الله، والسيسي، ليقبلوا بتهجير أهل غزة إلى الأردن وسيناء، أو أي منطقة في مصر، وكان رد الأردن الأسرع على لسان وزير خارجيتها، ثم ردت الخارجية المصرية بالرفض. وظل الأمر موضع شك وريبة، خاصة وأن ترامب في اليوم التالي، تحدثت وسائل إعلام أنه اتصل بالسيسي وطلب إليه نقل أهل غزة لسيناء، وردت صحف مصرية بالتكذيب، وبأنه لم يتم أي اتصال بينهما، ثم جاء كلام السيسي قاطعا أمس الأربعاء، برفض ما يتم تداوله من حديث عن التهجير.

هذا الموقف لا يملك أي إنسان عاقل، يحب أو يكره السيسي، يتفق أو يختلف معه، سوى تأييد الموقف، فليس معنى العداء والظلم الذي يمارسه السيسي تجاه الشعب، وتجاه أهل غزة، ألا نقدر موقفا يصدر عن سلطة غاشمة ظالمة، ولو كان الموقف مجبورا عليه، وليس معبرا عن قناعة شخصية لديه، لكنه في النهاية موقف إن لم تتفق مع صاحبه مبدئيا، فأنت متفق معه في الهدف، وهو الحفاظ على أهل غزة، ومنع تهجيرهم.

يعلم الجميع أن السيسي ليس معبرا بصدق عما بداخله بهذا الرفض، ولكن الظروف لا تسنح له بأي موقف آخر، ويعلم ترامب أن السيسي ليس شخصا قادما باختيار شعبه، ولا لديه برلمان يحاسبه، ولذا هو طلب ممن سيلبي طلبه، وقال في خطابه أنه سيطلب من الجنرال السيسي، ولم يقل: الرئيس السيسي، وهي كلمة لها دلاتها كما قال الأستاذ حافظ الميرازي، فهي تعني، أنه ليس آتيا للحكم باختيار الشعب، بل باختيارهم، واختيار حلفائه، ولهم عليه أفضال، ووقتما يحين رد بعضها فليس عليه سوى قول: تمام يا افندم!

يعلم الجميع أن السيسي ليس معبرا بصدق عما بداخله بهذا الرفض، ولكن الظروف لا تسنح له بأي موقف آخر، ويعلم ترامب أن السيسي ليس شخصا قادما باختيار شعبه، ولا لديه برلمان يحاسبه، ولذا هو طلب ممن سيلبي طلبه، وقال في خطابه أنه سيطلب من الجنرال السيسي، ولم يقل: الرئيس السيسي
لقد كانت عبارات السيسي التي رفض بها تهجير أهل غزة، معبرة عن واقع لا تخطئه عين راصد لمسيرة السيسي، فقد قال عن أسباب الرفض: (إنه ظلم لأهل غزة وفلسطين لن نشارك فيه)، وكأن الظلم على مدى خمسة عشر شهرا للقطاع لم يكن مشاركا فيه، وقد فضحه جو بايدن الرئيس الأمريكي السابق، حين قال: إننا حاولنا إقناع السيسي بفتح المعبر وهو الرافض لذلك، وهو الذي اقترح في بدايات الحرب على الكيان، أن يرحلوا أهل غزة إلى منطقة النقب، حتى إذا ما أنهوا مهمتهم، بالقضاء على المقاومة، يرجعونهم إلى غزة، أو يبقونهم كما يحب الكيان، حسب قراره وخياره.

أما عن رفض السيسي للطلب، رغم أن تاريخه وسياسته تجزم بالقبول، فهي عوامل ليست في صالح قبوله للطلب، فقد عبر عن ذلك بقوله: إن ذلك ظلم، وله تأثيره على الأمن القومي المصري. وهذا من الواضح أنها تقارير أجهزة، لا يمكنه تجاوزها أو تجاهلها، سوف تتسبب له في مشكلات كبيرة، حاضرا ومستقبلا، يطول المقام لشرحها.

وهناك عامل آخر مهم جدا في الموضوع: وهو أن الكلمة الأولى والأخيرة في الأمر لأهل غزة، فلن يكونوا كما قال الشاعر:

ويقضى الأمر حين تغيب تيم     ولا يستأمرون وهم شهود!

فالواقع رغم مراته وصعوبته، إلا أنه يستحيل تجاوز أهل غزة فيه، وقد كان مشهد عودتهم من الجنوب إلى شمال القطاع، مشيا على الأقدام، محملين بأمتعتهم، وأطفالهم، بمجرد أن لاحت لهم الفرصة للعودة، رغم أنهم لم يكونوا خارج غزة، بل كان في جنوبها، ولم يكونوا خارج فلسطين، فمن يتعامل بهذه الروح مع مسقط رأسه، وموضع حياته، ولو عاد إلى دمار وأطلال وبقايا ذكريات، إلا أنهم مصرون على العودة، فهذا المشهد هو رسالة واضحة وقوية، أن الفلسطيني الغزاوي والفلسطيني بوجه عام قد تعلم الدرس من قبل، فحق العودة الذي منح من قبل لهم كان وهما، والحق الأهم والأقوى هو حق البقاء، البقاء حيا على الأرض، أو شهيدا مدفونا في باطنها.

هناك مشهد آخر في المسألة، لا ينبغي أن يهمل رصده، وهو موقف المقاومة، وهي بجل فصائلها إسلامية، ومع ذلك كان الترحيب الشديد منها لتصريح الأردن، ثم مصر، وهو نفس الموقف للرافضين للانقلاب العسكري، فقد تعالوا على مظالمهم الشخصية والعامة التي يئنون منها من هذا النظام المجرم، لكن الأمر هنا يتعلق بحق آخر لإخوة لهم في العروبة والإسلام والإنسانية يعانون من ظلم الاحتلال، فكانوا مؤيدين لقرار النظام وتصريحاته.

وهذا الموقف كشف عن كذب ما يصمهم به الإعلام السيساوي، بل كانوا أرجح عقلا، وأكثر وطنية وتمسكا بثوابتها عن هذا النظام، الذي لم يدع موضعا للتفريط إلا وفرط فيه، أرضا وكرامة وسيادة للأسف، رغم ما ينتظرهم من مظالم قادمة على يد هذا النظام، وما يعانيه الإسلاميون سواء في مصر أو من أهل المقاومة من مساوئ هذا النظام، ومن تعاونه مع كل عدو لهم في الداخل والخارج، وهو ما لحظه كثيرون من أهل العقل والحكمة، وأن النظام في مأزق كبير، فلم يعد له ظهير يسنده في مثل هذه القضايا، وهو ما كانت تتجنبه الأنظمة السابقة، فكانت تترك شعرة معاوية مع معارضتها التي يبقيها لمثل هذه المواقف.

Essamt74@hotmail.com
التعليقات (0)

خبر عاجل