قضايا وآراء

ماذا يعني صمود المقاومة استراتيجيا للمنطقة؟

حازم عيّاد
"المواجهة وتجدد القتال والعدوان على قطاع غزة لن يتوقف عند حدود القطاع والضفة الغربية"- إكس
"المواجهة وتجدد القتال والعدوان على قطاع غزة لن يتوقف عند حدود القطاع والضفة الغربية"- إكس
المقاومة ستخوض جولة القتال الثالثة؛ لأنها فُرضت عليها من قبل الاحتلال الإسرائيلي، الذي يرفض المضي قدما نحو المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، في حين أن جيش الاحتلال والإسرائيليون يخوضون الحرب؛ لأن نتنياهو أرادها للخروج من مأزقه السياسي، الذي بلغ ذروته بتعثر إقرار الموازنة العامة، ورفض رئيس الشاباك رونين بار الإقالة -أسوة برئيس الأركان هرتسي هاليفي-، ومن خلفه المستشارة القانونية غالي بهاراف ميارا، التي أعلنت الحرب على نتنياهو برفضها تمرير قرار الإقالة دون اعتراض أو صخب.

الحماسة التي يبديها نتنياهو للعودة للحرب، لا تظهر بالقدر نفسه عندما يتعلق الأمر بالشارع الإسرائيلي وجيش الاحتلال وجنوده من الاحتياط، فهم لا يرغبون خوض غمار الحرب من أجل نتنياهو وبقائه السياسي، فالحماسة للقتال أضعف بكثير مما كانت عليه بداية الحرب والعدوان على قطاع غزة قبل سبعة عشر شهرا، وهي العجلة التي يحاول نتنياهو إعادة صناعتها بحديثه، خلال لقائه يوم الأربعاء مجندين في قوة المستعربين الناشطة في الضفة الغربية، عن توسعة العمليات العسكرية في الضفة الغربية، ومن خلال تسويقه لعمليات نقل الجرحى الفلسطينيين من حاملي الجنسيات الأجنبية عبر مطار رامون بالقرب من ميناء أم الرشراش (ايلات)؛ على أنها أولى عمليات التهجير الناجحة للفلسطينيين.

المواجهة وتجدد القتال والعدوان على قطاع غزة لن يتوقف عند حدود القطاع والضفة الغربية أو اليمن والبحر الأحمر، بل سيمتد نحو العراق وإيران ككرة الثلج المتدحرجة في محاولة نتنياهو المتواصلة للهروب إلى الأمام، فالإقرار بالفشل ووقف الحرب سيعني نهاية الحياة السياسية لنتنياهو، وهو خطر لا زال يلاحقه في كل خطوة يتخذها وطريق يختاره، وهنا يطرح السؤال: هل هذا هو السيناريو الوحيد المقبل للمنطقة ودولها؟

مصير المنطقة يقرره إلى حد كبير قدرة الشعب الفلسطيني وحركة حماس على الصمود في وجه الماكينة العسكرية الإسرائيلية، برفض الخضوع للإملاءات الأمريكية مرة تلو الأخرى، التي إن نجحت في فرضها على الشعب الفلسطيني، فإنها ستتمكن من رسم خارطة المنطقة، وفقا للرؤية الإسرائيلية.

الجواب يكمن في ‏مآل مسار التفاعلات السياسية والاقتصادية الداخلية في الكيان الإسرائيلي، والتفاعلات الخارجية أيضا فيما بين الكيان وشركائه وحلفائه الدوليين، وعلى رأسهم إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فالقصور الناجم عن ضعف الحماسة للحرب وأهدافها المتغيرة والمخاطر الناجمة عن اتساع نطاقها وصعوبة السيطرة على مخرجاتها ومدخلاتها، سيبقى المسألة الحاسمة اليوم والغد.

المواجهة أعادت حركة أنصار الله إلى الصدارة، وإيران إلى الواجهة الإقليمية، ومصر إلى الفعل الإقليمي بعد جولة التطبيع الايراهيمية الأخيرة، وسيرافقها تنامي الدور الإقليمي التركي، خصوصا إذا امتدت الحرب إلى الأرضي السورية واللبنانية لأشهر طويلة، وهي معادلة لم تكن قائمة قبل أشهر قليلة. الكثير تغير وسيتغير في المنطقة على نحو يعيد رسم موازين القوة، التي اعتقد البعض أنها اختلت لصالح الاحتلال، متناسين أن صمود المقاومة في قطاع غزة كان المبتدأ، ولا زال الخبر والعنصر الفارق في المشهد الإقليمي، صمود هو مصدر القلق للكيان الإسرائيلي والولايات المتحدة؛ كون المقاومة عصية على التطويع، ما يؤكد أن المقاومة كانت ولا زالت بصمودها، اللاعب الأساسي والمؤثر القادر على تعويض حالة العجز والشلل العربي المزمنة.

ختاما، مصير المنطقة يقرره إلى حد كبير قدرة الشعب الفلسطيني وحركة حماس على الصمود في وجه الماكينة العسكرية الإسرائيلية، برفض الخضوع للإملاءات الأمريكية مرة تلو الأخرى، التي إن نجحت في فرضها على الشعب الفلسطيني، فإنها ستتمكن من رسم خارطة المنطقة، وفقا للرؤية الإسرائيلية الممتدة من بحر قزوين والأسود، وصولا إلى الحافة الغربية لنهر النيل.

x.com/hma36
التعليقات (0)

خبر عاجل