يواجه العرب التهديد الأكبر لأمنهم القومي، وذلك مع اتساع رقعة العدوان الاسرائيلي، حيث تشن دولة الاحتلال هجماتٍ يومية على سوريا ولبنان دون أية مراعاة لالتزاماتها الدولية، لكن اللافت والغريب في المشهد أن العرب يكتفون بالمشاهدة فقط دون أي تحرك لحماية أنفسهم مما يجري.
إسرائيل تشنُ عدواناً يومياً على الضفة الغربية ولبنان وسوريا، وهو ما يؤكد أن كل هذا لا علاقة له بالحرب الإسرائيلية على غزة ولا بعملية السابع من أكتوبر التي شنتها حركة حماس، وإنما هو إعادة ترتيب للمنطقة بأكملها بما يخدم المصلحة الاسرائيلية، وبما يعزز الهيمنة الاسرائيلية، ويجعل من المنطقة برمتها واقعة تحت سيطرة إسرائيل ونفوذها.
ما يحدث في سوريا ولبنان والأراضي
الفلسطينية يُشكل تهديداً للأمن القومي العربي برمته، وتهديداً للمصالح العربية العليا، ولا يقتصر فقط على الفلسطينيين وحقوقهم، إذ كانت إسرائيل في السابق تقوم بتغيير الوقائع على الأرض الفلسطينية بينما أصبحت اليوم تعبث بالواقع العربي ذاته وتقوم بفرض واقع جديد، وهذا هو أكبر تهديد على الإطلاق للمصالح العربية منذ العام 1948.
كما أن ما تقوم به إسرائيل حالياً يُشكل تهديداً مباشراً للدول العربية التي ترتبط بمعاهدات سلام مع إسرائيل، أي الأردن ومصر، وهو تهديد أيضاً ولو بشكل أقل لكافة الدول العربية التي تقيم علاقات تطبيع مع تل أبيب، فيما لم تتحرك هذه الدول حتى الآن من أجل التصدي لما تقوم به إسرائيل ومحاولة الحفاظ على مصالحها، سواء على المستوى الوطني المحلي أو المستوى الإقليمي العربي.
خلال الأيام الماضية تبين أن إسرائيل تُهيمن على المجال الجوي السوري، وهي التي منعت الرئيس الفلسطيني محمود عباس من السفر جواً إلى دمشق، واضطر بالفعل للسفر بالسيارة من الأردن إلى سوريا للقاء الرئيس أحمد الشرع، وهذا يعني بالضرورة أن دولة الاحتلال الإسرائيلي تُحاصر الأردن وتوسع وجودها في محيطه، وتهدد أمنه ومصالحه الاستراتيجية، يُضاف إلى ذلك أن مشروع التهجير الذي يتبناه كل من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يُشكل تهديداً مباشراً لكل من الأردن ومصر ويؤكد وجود أطماع لدى إسرائيل لحل مشكلتها على حساب دول الجوار.
المطلوب هو تحرك عربي جدي وشامل وواسع من أجل البحث في كيفية مواجهة التهديد الناتج عن التوسع الإسرائيلي في المنطقة، بما في ذلك البحث في استعادة الأراضي التي احتلتها إسرائيل من سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد وهو ما يُشكل انتهاكاً لخطوط الهدنة المرسومة في العام 1974، وهذا التحرك العربي يجب أن لا يكون بمنأى عن
جامعة الدول العربية التي إن لم تقم بدورها وواجبها في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ أمتنا فلا حاجة للعرب بها، بل يتوجب البحثُ في إنشاء كيان بديل قادر على جمع كلمة العرب وتوحيد جهودهم.