مدونات

هل الواقعية هنا أم هي القابلية للاستعمار؟

موسى زايد
"هؤلاء الواقعيون لا يعترفون أبدا أن المحتل لا يخرج إلا بالمقاومة"- جيتي
"هؤلاء الواقعيون لا يعترفون أبدا أن المحتل لا يخرج إلا بالمقاومة"- جيتي
هذا السؤال يستطيع أن يفيدنا في الإجابة عليه أحبابنا من تلاميذ المفكر الإسلامي الجزائري مالك بن نبي، صاحب نظرية "القابلية للاستعمار". أما الإجابة على هذا التساؤل فهي موجهة إلى فريق منا من العرب ومن المسلمين، وهؤلاء يرون أن مجرد التفكير في مواجهة المستعمر الصهيوني أو من يدعمه من التحالف الأورو-أمريكي هو نوع من غياب العقل أو على الأقل هو نوع من عدم الواقعية.

يقولون كيف تفكرون في مقاومة هؤلاء أو في حربهم وهم يملكون كل شيء؛ يملكون الاقتصاد والتكنولوجيا ويملكون السلاح والقوة ويملكون الإعلام والتوجيه! يقولون كذلك: إن أي مواجهة مع هؤلاء محسومة، وإن طوفان الأقصى لن يأتي بفائدة، فلن يستطيع الفلسطينيون أن يحرروا بلادهم من استعمار إحلالي تساعده كل القوى المسيطرة عالميا، وأن نتيجة المواجهة هي ما نراه من تدمير وحرق للأخضر واليابس وقتل لعشرات الآلاف من النساء والأطفال وتجويع لقرابة مليونين من السكان وإجبارهم على النزوح دون أي ثمرة.

ويقول هؤلاء كذلك؛ إن أي حديث عن الانتصار على هؤلاء هو نوع من تخدير الأعصاب أو قصر النظر أو الوهم أو عدم الواقعية.

الغريب والمريب أن هؤلاء لا يحدثوننا أبدا عن خسائر الاحتلال التي لم يصب بمثلها من قبل، إنهم لا يحدثوننا أبدا عن اعتراف قادة العدو منذ اليوم الأول للمعركة بالفشل وهو المعنى المخفف للهزيمة -على غرار كلمة النكسة التي أطلقها العرب على الهزيمة المذلة عام 1967- وحتى بعد مرور أكثر من عام ونصف لم يستطع قادة الاحتلال أن يحققوا إنجازا واحدا يقدمونه لجمهورهم المتعصب المرعوب وكانت النتيجة استقالات مع الإقرار لوزير الدفاع ورئيس الأركان وقادة الفرق والكتائب والأجهزة الأمنية.

هؤلاء الواقعيون لا يحدثوننا أبدا عما يصرخ به كل يوم خبراء العدو العسكريون ولا قادته السابقون عن عبثية حربهم على غزة، وأنها لن تزيد جيشهم إلا تفككا وأنها فقط تستمر لتحفظ لنتنياهو وعصابته السلطة وتؤجل محاكمته بتهم الفساد.

ولا يحدثوننا عن الخلاف بين العلمانيين والحريديم، ولا عن رفض الأخيرين للتجنيد ولا عن رفض جنود الاحتياط للخدمة وهروبهم من التجنيد.

ولا يحدثنا من يدعون الواقعية عن خسائر العدو الاقتصادية ولا عن توقف ميناء إيلات عن العمل، ولا عن توقف شركات الطيران عن الذهاب للكيان ولا عن هروب مئات الآلاف إلى خارج دولة الكيان.. ولا يحدثوننا أبدا عن غياب الأمن وانتشار الفزع والرعب والركض المتكرر إلى الملاجئ عند سماع صافرات الإنذار.

هؤلاء الواقعيون لا يعترفون أبدا أن المحتل لا يخرج إلا بالمقاومة وبالتضحيات مهما عظمت، ولا بأن الاحتلال كلما اهتزت الأرض تحت قدميه وشعر بالفزع ازداد تنكيلا وازداد إجراما.. لم يحدثنا هؤلاء عما حقفه العدو من مكاسب بعد معاهدات الصلح ودعوات التطبيع.

ومرة أخرى، هل هي الواقعية؟ أم هي الخيبة والغباء؟ أم هي العمالة للعدو؟ أم هي القابلية للاستعمار؟!
التعليقات (0)

خبر عاجل