تابع العالم كله أحداث ضرب
إسرائيل لدولة
قطر، مستهدفة - كما أعلنت -قيادات
المقاومة الإسلامية حماس، والتي كانت مجتمعة للتشاور حول مقترح
ترامب الأخير، حول
وقف الحرب، وخطة ورؤية تسليم الأسرى الإسرائيليين لدى المقاومة، وبعيدا عن
التحليلات التي تعلقت بالضربة، وأسبابها، ومآلاتها، على الصعيد المحلي والإقليمي
والدولي، فإن العالم فوجئ أكثر بتصريح لترامب يعلن فيه: أن هذه الضربة من الكيان،
لن تتكرر مرة أخرى، ولن يتم توجيه أي ضربة ثانية لقطر من الكيان.
نتنياهو يكذب ترامب في وعده
بعد هذا التصريح من ترامب كنت قد حشدت
الأدلة السياسية والواقعية والعقلية والتي تدل على كذب ترامب كذبا صراحا، وأنه لا
ثقة في وعد يعده، ولا في تهديد يهدده، فهو ظاهرة صوتية من حيث الكلام
والبروباجندا، وظاهرة كذوبة من حيث الوعود والثقة فيه، فلم يمهله نتنياهو فرصة كي
يمر على تصريحه طويلا، فبعد ذلك بساعات يصرح نتنياهو بأن على قطر، وعلى كل دولة
يتواجد فيها أي قيادات لحماس، أو المقاومة، إما أن تطردهم، أو تحاكمهم، أو سيفعل
ما يريد. في لغة ليست تهديدية فقط، بل لغة سافرة، يغطي بها الجريمة النكراء التي
قام بها، واستنكرها معظم العالم العربي والغربي معا.
ثم منذ يومين نرى ترامب في مؤتمر صحفي،
ويسأل عن وعده، فيلف ويدور، ويهرب من الموضوع، ليتحدث عن طريقة نطق الصحفيين لاسم
دولة قطر، وطريقة نطقه هو، في فاصل بهلواني، لا يمت للسياسة بصلة، بل يمت لعالم
ترامب المملوء باللف والدوران، وقول الشيء ونقيضه في آن واحد، وذلك هربا من كلمة
حاسمة يقطعها أمام العالم بمنع أي
عدوان مرة أخرى على قطر.
لو ملك أن يمنع الثانية فلماذا لم يمنع
الأولى؟!
دلائل كذب ترامب وتلاعبه بوعد قطر بعدم
تكرار العدوان، واضحة بينة، لا لبس فيها، فإذا كان ترامب يملك أن يمنع إسرائيل من
ضربة ثانية، فهذا معناه أنه كان يملك أن يمنع الأولى، فلماذا لم يمنعها لو كان
لديه موقف من الضربة الأولى بالرفض؟! ولو كان لا يملك أن يمنع الأولى، فلن يستطيع
أن يمنع الضربة الثانية، لأنه لا قيمة له، ولا قرار له. ففي كلتا الحالتين ترامب
كذوب، ولا يملك سوى عبارات فضفاضة رجراجة لا تمسك بحال من الأحوال، ولا يبنى عليها
قرار، أو سياسة، أو توجه، سوى الحذر منه ومن كلماته.
بات على الإدارة الأمريكية أن تقوم بجهد مضاعف لترميم ما لحق بها، فقد مرغ نتنياهو رأس أمريكا بين حلفائها، وبين العالم، فدولة مارقة مجرمة متهمة بكل جرائم الحرب، ترتع في العالم كيفما شاءت في حماية النظام الأمريكي، سياسة ومالا وسلاحا، وأكذوبة حماية الأمريكان للخليج، ودعاوى ترامب أن الخليج لا بد أن يدفع ثمن حمايته، باتت أكذوبة كبرى، فأين هي الحماية بعد ما حدث؟ والتي لم تستطع أن تصمد أمام وعد شكلي من ترامب، حتى يخرج نتنياهو بعدها ليلغيه، في كشف واضح لما صارت عليه السياسة الأمريكية، والتي يمثلها بوضوح وفجاجة ترامب وتصريحاته وسياساته.
نقول ذلك ونعلم من تاريخ أمريكا حين تقدم
مصلحتها في أمر، لا تراعي الكيان، فعندما اتفقت مع الحوثيين، اتفقت اتفاقا لا
يلتقي مع مصالح الكيان، بل راعت مصالحها فقط، وهو ما قام به ترامب.
وأمريكا حين تملك أن تقول: لا، تقولها،
والتاريخ شاهد على ذلك، ومع إسرائيل نفسها، فالمصريون يذكرون تاريخا محفورا في
ذاكرتهم، وهو العدوان الثلاثي على مصر، والذي كان من: إسرائيل، وإنجلترا، وفرنسا،
ورفضته أمريكا، لأنه تم بدون مشورتها، وبدون موافقتها، وأنهت أمريكا العدوان
الثلاثي، وقالت لهذه الدول الثلاث: لا، ونفذت رفضها.
تورط ترامب في العدوان على قطر
لكن البراهين الواضحة تدل على تورط ترامب في
الضربة، وأن خيانته واضحة لكل ذي عينين، ولكل من لديه مسكة من عقل، فنفس الخديعة
التي قدمها قبل ضرب إيران، هي نفسها ما فعلها قبل ضرب قطر، فيرسل مفاوضين لإيران
حول برنامجها النووي، ويماطل في الكلام، ويترك الحبل للكيان لضرب إيران، ثم يتبقى
أهم مفاعل نووي لإيران، ولا يمكن أن يضرب إلا بطيران أمريكي محدد، وظل يراوغ، وهو
متخذ للقرار، وتحركت بالفعل الناقلات الجوية الأمريكية، وهو يلف ويدور، واستيقظ
الناس على ضرب المفاعل النووي الإيراني.
نفس الخديعة مورست مع الضربة القطرية، فيرسل
مبادرة، ويطلب الرد العاجل عليها، ويهدد ويرعد ويبرق، بأنه لا بد من النقاش والرد
عليها، ومطلوب رد إيجابي يفرحه، أو يلبي جنونه، ليجلس القادة في قطر، ثم توجه
الضربة، وتوجه بأسلحة أمريكية، وحين تتكشف بقية الحقائق التي لم تعلن، سيعرف الناس
جيدا الدور القذر الذي لعبه ترامب وإدارته، في هذه الضربة وغيرها.
ثم فضحته مواقفه بعد الضربة، فلم يبد أي
درجة من الغضب أو الضيق، أو التبرم، بل راح يتكلم عن المستقبل، وأنه لن تتكرر،
وكشف خبيئته كانت يمكن أن تتضح لو تخيلنا أن الضربة حققت غرضها، كنا سنرى ترامب
يخرج ليباهي بنجاحه في الضربة، وأنه تولى ذلك بنفسه، ولو كان بيده لقال لقد وجهت
الأجهزة بنفسي، لكن لأن الضربة لم تحقق غرضها، فهو يتنصل، لكنه لا يدين الضربة.
وكذلك يعلم ترامب أن نتنياهو لن يستر وعوده،
والكيان نفسه لن يستجيب، لأنه لا يعرف سوى منطق القوة، هي التي تردعه، ولذا عجل
ترامب بإدراكهم بعد (12) يوما في إيران بإخراجهم من الوحل الذي غرزوا فيه، وتاريخ
الكيان في عدم الوفاء حافل، رغم إدانة المجتمع الدولي كله، فمن قبل تم الاعتداء
على دول عربية في الثمانينات، ودان العالم كله العدوان، ولم تستعمل أمريكا حق
الفيتو، في تصرف نادر، ومع ذلك بعدها بأيام أو بضع أسابيع، قامت إسرائيل باغتيال
قيادة فلسطينية على أراضي هذه الدولة العربية.
من الواضح أن السياسة القطرية تدرك كذب وعود
ترامب، ولذا كانت التصريحات التي تكشف الإدارة الأمريكية مباشرة، ودون انتظار، أو
لغة دبلوماسية، فبعد تصريح الخارجية الأمريكية بأن أمريكا أخبرت قطر بالضربة، كان
رد الخارجية القطرية بأن الاتصال تم بعد الضربة بعشر دقائق، والمواطنون والمقيمون
على أرض قطر تسمع دوي الانفجارات المتتالية.
وبات على الإدارة الأمريكية أن تقوم بجهد
مضاعف لترميم ما لحق بها، فقد مرغ نتنياهو رأس أمريكا بين حلفائها، وبين العالم،
فدولة مارقة مجرمة متهمة بكل جرائم الحرب، ترتع في العالم كيفما شاءت في حماية
النظام الأمريكي، سياسة ومالا وسلاحا، وأكذوبة حماية الأمريكان للخليج، ودعاوى
ترامب أن الخليج لا بد أن يدفع ثمن حمايته، باتت أكذوبة كبرى، فأين هي الحماية بعد
ما حدث؟ والتي لم تستطع أن تصمد أمام وعد شكلي من ترامب، حتى يخرج نتنياهو بعدها
ليلغيه، في كشف واضح لما صارت عليه السياسة الأمريكية، والتي يمثلها بوضوح وفجاجة
ترامب وتصريحاته وسياساته.
بل زاد الأمر سوءا، وازداد نتنياهو في
وقاحته، فذهب للتوغل والاقتحام البري لغزة، ليجبر الناس على التهجير القسري،
وبالتأكيد سيكون ذلك باتجاه مصر، وأصبح النقاش الدائر بين المحللين السياسيين
وغيرهم الآن: ما الدولة التي تفكر إسرائيل بضربها بعد قطر، هل ستكون تركيا، أم
مصر، أم باكستان؟ ولم يعد الحديث عن وقوف نتنياهو عند حد في العدوان، ولا عند
ترامب في الخداع، والتأييد لجرائم الكيان!!
Essamt74@hotmail.com