مع مرور الوقت، يكشف
الاحتلال الإسرائيلي النقاب عن عمله مع عدد من
الدول العربية في المنطقة لتخليص نفسه من المسؤولية عن قطاع
غزة، مع العلم أن أي كيان عربي أو أوروبي أو أمريكي لن يرسل جنوده للقطاع، مما سيجعل من إصرار الاحتلال على منع حماس من استعادة السيطرة على القطاع قد يكلّفه غاليا.
ويأتي ذلك خاصة بعد تصريح وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر بأن الاحتلال بحاجة لتسخير القوى الإقليمية لإدارة قطاع غزة، لأنه لا يستطيع الاعتماد على قدراته الذاتية فقط.
وقال الكاتب في صحيفة "
يسرائيل هيوم" جلال البنا إن "كلام ديرمر بعبارة أخرى، وهو الوزير الأقرب لرئيس الوزراء والأكثر قبولاً لدى الإسرائيليين، يضاف لكلام الإدارة الأمريكية بأن إسرائيل لا تستطيع أن تتحرك بمفردها، ويجب أن تتلقى المساعدة من دول أخرى، بما فيها السلطة الفلسطينية ودول عربية مثل مصر والأردن والإمارات العربية المتحدة، بينما خلف الكواليس تقوم السعودية بتمويل هذه التحركات والتأثير عليها".
وأضاف البنا في مقال ترجمته "عربي21" أنه "في بداية الحرب، عندما تصور الجميع أن إسرائيل ستحتل قطاع غزة بأكمله، كان من الواضح أنه من الضروري التفكير والتصرف مسبقا بشأن
اليوم التالي، وأن هناك خططا ومحادثات سرية بين إسرائيل وعدة دول، وهي أمور لا يتم الكشف عنها للجمهور الإسرائيلي، ولا تصل لنقاش سياسي قد يفكك الائتلاف، ويؤثر على الحزب الحاكم".
وأشار إلى أنه "حتى الآن، نفى الاحتلال فكرة اليوم التالي، وأعطى الانطباع بأن هناك مخاوف من أن يكون هناك يوم آخر للجمهور الإسرائيلي، بمعنى أنه سيبقى في القطاع، وربما حتى البقاء هناك عسكريا، ولكن طالما أن الأمر يعني رعاية مليوني فلسطيني، فمن الصعب أن ننسى أن قطاع غزة كان عبئا على كل من حكمه، حتى مصر قبل عام 1967".
وأكد أنه "رغم الدمار والقتل الكبيرين في القطاع نتيجة للحرب، ورغم أن حماس فقدت كل قيادتها وبنيتها التنظيمية، لكنها تقدم نفسها كمنتصر في الحرب، وستعمل على استعادة قدراتها بسرعة كبيرة، وفيما يتصل بشركاء الاحتلال المحتملين في إعادة إعمار قطاع غزة، فإنه في هذه الأيام، يعمل مع الأنظمة العربية في المنطقة، ومن المؤكد أنه سيواصل العمل مع الإدارة الأمريكية الجديدة، لاستخراج وإزالة كل المسؤولية المدنية من نفسه، لكن هذا يتطلب أيضا ثمنا باهظا منه، أهمها استعادة السلطة الفلسطينية لسيطرتها على القطاع".
وأشار إلى أنه "لن ترسل أي جهة عربية أو أوروبية أو أمريكية جنودها لشوارع قطاع غزة، وحتى لو فعلت ذلك، فلن يكون هناك أي خيار آخر، لذا، ستكون هناك شروط وثمن سيضطر الاحتلال لدفعه، لأننا اليوم نرى أن عاما وربعًا من الحرب الشديدة والصعبة تركت حماس مسيطرة على قطاع غزة، بل لديها شروط ومطالب، وقد رأينا أحد الأدلة على ذلك في خروج الآلاف من أعضاء التنظيم لشوارع قطاع غزة، والشرط الذي وضعته الحركة لسفر أعضائها الذين أصيبوا في الحرب للعلاج في الخارج، بعبارة أخرى فإن حماس لم تنهر".
وأكد أنه "رغم الدمار والقتل الهائل في قطاع غزة نتيجة للحرب، ورغم خسارة حماس لكل قياداتها وبنيتها التنظيمية، فإنها تقدم نفسها باعتبارها المنتصرة في هذه الحرب، وستعمل على استعادة قدراتها بسرعة كبيرة، وسترى الحركة نفسها في العام أو العامين المقبلين حرّة في استعادة قدراتها العسكرية والاقتصادية".
وختم أن "إصرار إسرائيل على منع السلطة الفلسطينية من استعادة السيطرة على القطاع قد يكون مكلفا على مستويات غزة: أولاً، مساعدة حماس على البقاء عندما يكون هناك حاجة لمساعدات عسكرية، وثانياً، قد يؤدي ذلك لفراغ حكومي، وعدم وجود قيادة مدنية؛ وثالثاً، قد يجعل من الصعب التوصل لاتفاق تطبيع بين إسرائيل والسعودية، ورابعا إذا تم اعتبار إسرائيل رافضة لذلك الخيار، فسيضرّ ذلك بعلاقاتها مع إدارة ترامب".