أعلنت وكالة الأنباء
العراقية الرسمية،
السبت، أن مؤسسة التمويل الدولية (IFC)،
الذراع الاستثمارية للبنك الدولي، وقعت عقداً بقيمة 500 مليون دولار مع شركة
غاز
البصرة، بهدف استثمار الغاز المصاحب وتطوير مرافق ميناء أم قصر، أكبر الموانئ
التجارية في العراق.
وقالت الوكالة إن الاتفاقية تهدف إلى دعم
خطط العراق في تقليل حرق الغاز المصاحب وتعزيز استثمارات البنية التحتية المرتبطة
بالطاقة والنقل، في خطوة يراها مراقبون محاولة مزدوجة لمعالجة التحديات البيئية
وتحقيق عوائد
اقتصادية جديدة. ولم تُذكر
تفاصيل إضافية حول بنود العقد أو آجال
تنفيذه.
تأتي هذه الخطوة في وقت يسعى فيه العراق إلى
تقليص اعتماده الكبير على استيراد الغاز والكهرباء من دول الجوار، ولا سيما إيران،
من خلال استثمار موارده المحلية. وتشير تقديرات وزارة النفط العراقية إلى أن
البلاد تحرق سنوياً مليارات الأمتار المكعبة من الغاز المصاحب لاستخراج النفط، وهو
ما يكلف الاقتصاد العراقي مليارات الدولارات ويزيد من معدلات التلوث.
ويعكس دخول مؤسسة التمويل الدولية على خط
الاستثمار ثقة متزايدة في البيئة الاستثمارية العراقية، خصوصاً في قطاعات الطاقة
والموانئ التي تمثل ركيزة أساسية لاقتصاد البلاد. كما أن تطوير مرافق ميناء أم قصر
يُتوقع أن يسهم في تعزيز حركة التجارة، وتقليل الضغط على الموانئ المجاورة في
المنطقة.
وتندرج
الصفقة الجديدة ضمن مساعي البنك
الدولي عبر مؤسسته التمويلية لدعم مشاريع الطاقة النظيفة وتحفيز الاقتصادات
الناشئة على الاستثمار في البنية التحتية الحيوية. وبالنسبة للعراق، فإن الاتفاقية
قد تفتح الباب أمام تدفقات مالية إضافية وشراكات جديدة مع مؤسسات دولية، بما يساهم
في تقليل الاعتماد على الموازنات العامة لتمويل مشاريع الطاقة.
وتشير تجارب دول الخليج، مثل قطر والسعودية،
إلى أن استثمار الغاز المصاحب يمكن أن يحقق فوائد اقتصادية ضخمة، سواء في توليد
الكهرباء أو التصدير أو تحويله إلى منتجات غازية وقودية عالية القيمة. فعلى سبيل
المثال، حققت قطر من استثمار الغاز المصاحب لمشاريعها الصناعية والبتروكيميائية
مليارات الدولارات سنوياً، بينما نجحت السعودية في تقليل فقدان الطاقة وتحسين
إنتاج الكهرباء عبر مشاريع مماثلة. وتشير هذه التجارب إلى أن العراق يمتلك
إمكانيات كبيرة لتحويل الغاز المصاحب إلى رافد اقتصادي مستدام، شريطة الاستقرار
الأمني والشفافية الإدارية.
ويتوقف نجاح المشروع مع العراق على توفير
بيئة قانونية وأمنية مستقرة، وضمان شفافية العقود، لاسيما أن مشاريع استثمار الغاز
في العراق واجهت في السابق عراقيل بيروقراطية وأخرى مرتبطة بالفساد وسوء الإدارة.
كما أن تطوير مرافق ميناء أم قصر يتطلب
استثمارات موازية في شبكات النقل البري والسكك الحديدية، حتى يحقق المشروع أثره
الكامل على التجارة الإقليمية والدولية.
وبحسب تقارير البنك الدولي ووزارة النفط
العراقية، يخسر العراق سنوياً نحو 2.5 مليار دولار نتيجة حرق الغاز المصاحب، في
وقت يُقدّر فيه حجم الغاز المحروق بما يزيد عن 16 مليار متر مكعب سنوياً. ولو
استُثمرت هذه الكميات، لكانت كافية لتغطية نسبة كبيرة من استهلاك العراق المحلي من
الكهرباء، ولتقليل الاعتماد على الواردات الخارجية.
اظهار أخبار متعلقة