يمثل جيل Z في
الغرب فرصة فريدة لتقويض الدعم الغربي للاحتلال
من الداخل، حيث نشأ في زمن الأزمات (المالية، المناخ)، ويتمرد على الإرث الاستعماري
لدوله، ويشكك في الروايات الإعلامية التقليدية. ويمكن تحويل
وعيه المتزايد إلى قوة
ضغط شعبية؛ تؤثر على السياسات الخارجية الغربية، وتغير الخطاب الأكاديمي والإعلامي،
وتنزع الشرعية الأخلاقية عن الاحتلال في الضمير الجمعي الغربي. فبوصلته الأخلاقية ترفض
ازدواجية المعايير (أوكرانيا وفلسطين)، وتآكل الهيمنة الأمريكية يجعله أكثر تقبلا للرواية
الفلسطينية كجزء من نضال عالمي من أجل نظام دولي أكثر عدلا.
وقود المعركة وحامل راية التحرير
أما جيل Z العربي والفلسطيني، فليس مجرد هدف للخطاب، بل هو
مصدر السردية وصانعها. إهماله يعني بناء استراتيجية بلا أساس. إنه الجيل الأكثر معاناة
من الاحتلال وآثاره، لكنه أيضا الأكثر تمردا على الأدوات السياسية التقليدية التي يراها
عاجزة. هو جيل "السيادة الرقمية" الذي وثّق جرائم الاحتلال للعالم بهاتفه،
وتجاوز الإعلام الرسمي والفصائلي، وخلق لغته الخاصة في المقاومة. إن هذا الجيل يمكن
أن يؤدي دورا استراتيجيا هاما بصفته:
جيل Z العربي والفلسطيني، فليس مجرد هدف للخطاب، بل هو مصدر السردية وصانعها. إهماله يعني بناء استراتيجية بلا أساس. إنه الجيل الأكثر معاناة من الاحتلال وآثاره، لكنه أيضا الأكثر تمردا على الأدوات السياسية التقليدية التي يراها عاجزة
1- حامل الأصالة:
هو مصدر الرواية الحقيقية وغير المفلترة، وقصصه وصوره ومقاطعه هي المادة الخام الأكثر
تأثيرا في مخاطبة نظرائه في الغرب.
2- محرك التجديد
الداخلي: يضغط هذا الجيل من أجل تجديد الخطاب الفلسطيني والعربي، متجاوزا الانقسامات
الأيديولوجية القديمة نحو خطاب وطني جامع يركز على الحقوق والكرامة الإنسانية.
3- جسر التواصل
المباشر: بفضل إتقانه للغات الأجنبية وثقافات الإنترنت العالمية (Memes, Trends)، يستطيع هذا الجيل بناء جسور
تواصل مباشرة مع
الشباب الغربي دون الحاجة إلى وسطاء رسميين.
استراتيجية
نسج خيوط التواصل بين الجيلين
إن النجاح
لا يكمن في مخاطبة كل جيل على حدة، بل في خلق نظام بيئي (Ecosystem) متكامل يربط بينهما كالآتي:
أولا: تمكين
جيل Z الفلسطيني ليكون القائد من
خلال:
1- التدريب
والدعم: توفير الموارد والتدريب للصحفيين المواطنين، وصانعي المحتوى، والمبرمجين الفلسطينيين
على أحدث تقنيات الإعلام الرقمي والأمن السيبراني وصناعة المحتوى المؤثر.
2- منصات مركزية:
إنشاء منصات رقمية (بإدارة شبابية) تجمع المحتوى الفلسطيني الأصيل وتترجمه وتصنفه ليكون
متاحا بسهولة لصناع الرأي في العالم.
3- تصديرهم
للإعلام كقادة مساعدين مع الأجيال الأكبر سنا والأكثر خبرة، وجعلهم الواجهة الإعلامية
الأبرز، ولا بأس من أن يتوارى القادة الكبار خلفهم (إعلاميا).
ثانيا: بناء
الجسور مع جيل Z الغربي من خلال:
1- الخطاب
المتقاطع: ربط القضية الفلسطينية بالقضايا الكونية التي تهم الجيلين: العدالة، ومناهضة
الرأسمالية المتوحشة، وحقوق المرأة (غير المتعارضة مع الدين الإسلامي).. الخ.
2- التعاون
الإبداعي: إطلاق مشاريع فنية ورقمية مشتركة (أفلام قصيرة، ألعاب فيديو، حملات تيك توك)
تجمع مبدعين فلسطينيين وغربيين.
3- الزيارات
الميدانية المعكوسة: بالإضافة إلى دعوة الشباب الغربي إلى فلسطين، يمكن تنظيم جولات
افتراضية وحقيقية لشباب فلسطينيين في الجامعات والمراكز الثقافية الغربية ليكونوا سفراء
مباشرين لقضيتهم.
التحديات والمخاطر
التي تواجه الفكرة
1- الفجوة
الرقمية والثقافية: قد توجد فجوات في الأدوات واللغة بين الشباب في غزة أو الضفة ونظرائهم
في نيويورك أو لندن، ويتطلب سد هذه الفجوة جهدا واعيا.
2- خطر الاستيعاب
والاحتواء: قد تحاول الجهات المعادية استيعاب النشطاء الفلسطينيين الرقميين ضمن خطاب
"سلام" سطحي يفصلهم عن سياقهم الوطني والمقاوم.
3- التحديات
الداخلية المزدوجة: بالإضافة إلى الانقسام السياسي، قد يواجه جيل Z الفلسطيني مقاومة من السلطات المحلية أو القوى التقليدية،
أو الأجيال الأسبق، التي تخشى من خطابه المستقل والناقد.
معركة الوعي
تبدأ من الداخل وتنتصر في الخارج
تمكين هذا الجيل في الداخل، وربطه بنظرائه في الخارج، ليس مجرد تكتيك إعلامي، بل هو جوهر المقاومة اليوم
إن الطريق
من التحرير الرقمي إلى التحرير على الأرض طويل وشاق، ومليء بالتحديات، لكن الشرارة
التي أشعلها جيل Z الفلسطيني
أثبتت أنها قادرة على عبور القارات وإيقاظ الضمائر.
إن الاستثمار
في جيل Z بشقيه، الغربي والعربي، هو
مشروع استراتيجي بعيد المدى يهدف إلى:
1- داخليا:
تجديد دم المقاومة وخطابها، وتوحيد الجيل الصاعد على رؤية وطنية معاصرة.
2- خارجيا:
تغيير موازين القوى في معركة الرأي العام العالمي، ورفع التكلفة السياسية والأخلاقية
للاحتلال.
3- عالميا:
جعل القضية الفلسطينية جزءا لا يتجزأ من حركة عالمية شبابية تطالب بنظام دولي أكثر
عدلا وإنسانية.
وهنا، لا بد
من توجيه رسالة مباشرة إلى هذا الجيل الصاعد في قلب فلسطين:
يا جيل الكوفية
الذكية، يا من حوّلتم هواتفكم إلى أدوات وعي، وقصصكم إلى أصوات تخترق جدران الصمت والحصار،
أنتم لستم مجرد "ضحايا" في قصة يرويها الآخرون؛ أنتم أصحاب السردية، وكتّابها،
وأبطالها. العالم لم يكن يوما أكثر استعدادا لسماع صوتكم كما هو اليوم، ثقوا بعدالة
قضيتكم، وقوة قصتكم، وأصالة تجربتكم، وقدرتكم على قيادة هذه المعركة. فكل مقطع فيديو
تنشرونه، وكل حقيقة توثقونها، وكل جسر تبنونه مع أحرار العالم، هو حجرٌ تزيلونه من
جدار الاحتلال، وخطوة تقرّبكم من فجر التحرير.
إن تمكين هذا
الجيل في الداخل، وربطه بنظرائه في الخارج، ليس مجرد تكتيك إعلامي، بل هو جوهر المقاومة
اليوم. إنه المسار الذي يحول الطاقة الشبابية الهائلة إلى قوة تغيير حقيقية. إنّ معركة
الوعي ليست سهلة، إذا انتصرنا بها؛ فلن نترك للاحتلال أرضا يقف عليها.