ما زال الوضع
الراهن في قطاع
غزة، ما عدا من ناحية القتل الجماعي، على أسوأ مما كان عليه زمن
الحرب،
بسبب ما يشنّه
نتنياهو من الاعتداءات للإبقاء على حالة الحرب، أو نصف حرب.
ويحدث هذا،
فيما
ترامب ومساعدوه يعلنون أنهم يريدون الانتقال إلى المرحلة الثانية في مشروع ترامب،
وذلك من خلال اللجوء إلى مجلس الأمن، لاستصدار قرار يترجم المرحلة الثانية، بالتخلي
عن شروط المرحلة الثانية التي تقضي بضرورة التفاوض من قِبَل الوسطاء وحماس للبحث في
تفاصيل المرحلة الثانية، كما حصل في المرحلة الأولى.
يرجع السبب
في هذا الهروب من جانب ترامب، عبر العمل ضمن قرار من مجلس الأمن، لكي يتحكم في عملية
تنفيذه، وفقا لمعادلة أمريكية- صهيونية، وبهذا يتم إلغاء التفاوض مع الوسطاء وحماس.
أما من الجهة
الأخرى، فإن ترامب ومساعديه تركوا نتنياهو ينفذ سياساته، التي تؤدي عمليا إلى نسف مشروع
وقف الحرب، وذلك من خلال الاستمرار بالقصف، والتحكم بالمساعدات، ومواصلة التجويع والحصار
لحرمان الشعب في غزة من الإفادة بعد حرب الإبادة، والقتل الجماعي.
يُلاحظ من تصريحات نتنياهو وكاتس (وزير الدفاع) أن الالتزام بوقف الحرب، وما تقتضيه من سياسات، أبعد ما يكون اتخاذه في الاعتبار. ومن ثم، فإنهما يطبقان ما عملا له من خلال الحرب، وأما الموافقة على اتفاق المرحلة الأولى، لوقف الحرب، فكانت تراجعا مؤقتا أمام ضغط ترامب
وجاءت العاصفة
التي أغرقت المخيمات البالية والمتداعية، وأوقعت الكوارث، لتكشف استمرار وضع الحصار
في منع وصول المساعدات، وفي مقدمتها عدم تأمين الطعام والدواء، وشروط المأوى في مواجهة
دخول فصل الشتاء مما يضيف كوارث فوق الكوارث، من خلال سياسات نتنياهو، وهو ما يمكن
اعتباره تواطؤا من جانب ترامب ومساعديه، في عدم فرض إلزام نتنياهو باحترام شروط مرحلة
ما بعد وقف الحرب.
يُلاحظ من
تصريحات نتنياهو وكاتس (وزير الدفاع) أن الالتزام بوقف الحرب، وما تقتضيه من سياسات،
أبعد ما يكون اتخاذه في الاعتبار. ومن ثم، فإنهما يطبقان ما عملا له من خلال الحرب،
وأما الموافقة على اتفاق المرحلة الأولى، لوقف الحرب، فكانت تراجعا مؤقتا أمام ضغط
ترامب.
فالكيان الصهيوني
مصرّ على فرض الواقع الذي يريده نتنياهو، تحت شعار الإصرار على نزع سلاح حماس، الذي
يُراد منه المضيّ بلا رادع في حرب الإبادة، وتحويل الوضع في قطاع غزة إلى فوضى من القتل
والتجويع، ومن ثم الترحيل، علما أن نتنياهو فشل خلال سنتين من الحرب البريّة وحرب الإبادة،
في تحقيق أهدافه العسكرية والسياسية، وعلما أن ترامب ونتنياهو كانا في حالة عزلة عالمية
خانقة، مع ما شهدت مدن أوروبا وأمريكا والعالم من تصاعد للتظاهرات التي لم يسبق لها
مثيل، كما كان الجيش الصهيوني يواجه خطر خسارة استراتيجية في "عربات جدعون2"،
كما خسر استراتيجية "عربات جدعون1". وهو الذي يفسّر لجوء ترامب لإصدار مشروعه،
والضغط الشديد على نتنياهو لتوقيع وقف الحرب. وهو ما عُرف بالمرحلة الأولى، وقد كرسّ
ترامب "نجاحه" فيها بعقد مؤتمر شرم الشيخ العالمي.
باختصار، على
ترامب أن يَسمع من غزة، والشعب الفلسطيني كله، ومن العرب والمسلمين، وأحرار العالم؛
أن عليه إلزام نتنياهو بوقف سياساته التي يمارسها، وإلّا فإن العودة إلى الحرب واقعة
لا محالة، ومن ثم فإن الهزيمة والفشل بانتظاره، وانتظار نتنياهو أمام الغضب العالمي
الذي سيتجدّد، وأمام الفشل العسكري في ميدان المواجهة في غزة.
ومن ثم كيف
يسمح لوقف الحرب مع مجيء الشتاء، أن يكون أسوأ مما كان عليه الوضع في غزة قبل وقف الحرب؟