أعلنت المفوضية
الأوروبية، عن إدراج
مصر ضمن قائمة "البلدان الآمنة" لأغراض اللجوء، ما
يعني أن طلبات اللجوء المقدمة من مواطنيها ستخضع لإجراءات مسرعة، قد تُنجز خلال
ثلاثة أشهر فقط، بدلاً من المدة المعتادة البالغة ستة أشهر.
يأتي هذا القرار
في إطار جهود الاتحاد الأوروبي لتقليل الضغط على أنظمة اللجوء وتسريع عمليات
الترحيل، خاصة في ظل ارتفاع أعداد طالبي اللجوء من هذه الدول.
وفقًا للمفوضية،
فإنّ: "هذه الدول تشترك في انخفاض معدلات قبول طلبات اللجوء لمواطنيها، حيث تقل عن 5 في المئة، مما يجعلها مؤهلة للإدراج في هذه القائمة". مع ذلك، أثار القرار انتقادات
من منظمات حقوقية، مثل منظمة العفو الدولية، التي حذّرت من أن هذا التصنيف قد يؤدي لـ"تجاهل حالات الاضطهاد الفردية، خاصة بين الفئات الضعيفة مثل المعارضين
السياسيين والصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان".
تجدر الإشارة
إلى أن هذا القرار لا يزال بحاجة إلى موافقة البرلمان الأوروبي، والدول الأعضاء في
الاتحاد الأوروبي، قبل أن يدخل حيز التنفيذ، وفي حال الموافقة، من المتوقع أن يبدأ
تطبيق الإجراءات المسرعة في عام 2026، كجزء من حزمة إصلاحات أوسع لنظام اللجوء
الأوروبي.
تأثير القرار
على طالبي اللجوء المصريين
إدراج مصر في
قائمة "البلدان الآمنة" يعني أن طلبات اللجوء المقدمة من مواطنيها
ستُعتبر غير مرجحة للقبول، ما يؤدي إلى تسريع إجراءات البت فيها وترحيلهم بسرعة
أكبر في حال الرفض.
وعلى الرغم من
أن المفوضية تؤكد أنّ كل طلب سيخضع لتقييم فردي، إلا أن منظمات حقوقية تخشى من أن هذا التسريع يؤدي لـ"تقليص فرص طالبي اللجوء في تقديم أدلة كافية على تعرضهم
للاضطهاد أو الخطر في بلادهم".
إلى ذلك، من المتوقع أن
يواجه المصريون الذين يسعون للحصول على اللجوء في دول الاتحاد الأوروبي، تحديات
أكبر خلال المستقبل القريب، خاصة مع تزايد الضغوط السياسية داخل الاتحاد لتقليل
أعداد طالبي اللجوء وتسريع عمليات الترحيل.
ردود الفعل
والانتقادات
واجه قرار
المفوضية الأوروبية، انتقادات واسعة، من منظمات حقوق الإنسان، التي اعتبرت أن تصنيف
مصر كبلد آمن يتجاهل التقارير المتعددة التي توثق انتهاكات حقوق الإنسان في
البلاد، بما في ذلك الاعتقالات التعسفية، والتعذيب، والقيود المفروضة على حرية
التعبير والتجمع .
كما أعربت المنظمات
عن قلقها من أن يؤدي هذا التصنيف إلى ترحيل طالبي اللجوء إلى بلدان قد يتعرضون
فيها للخطر، ما يشكل انتهاكًا لمبدأ "عدم الإعادة القسرية" المنصوص
عليه في القانون الدولي.
هل يؤثر على طلبات اللجوء
في تصريحات
خاصة، لـ"
عربي21" أكد المحامي الهولندي، فريدريك هوخافيند، الذي يمتلك
خبرة تمتد لأكثر من 25 عامًا في قضايا اللجوء والهجرة، أنّ: "قرار المفوضية الأوروبية
بتصنيف مصر كدولة "آمنة" لن يؤثر على طلبات اللجوء المقدمة من المصريين،
خاصة لأولئك الذين يواجهون الاضطهاد السياسي في وطنهم".
وأوضح هوخافيند:
"هذا القرار بالتصنيف لن يكون له تأثير على اللاجئين السياسيين، حيث أن هؤلاء
الأشخاص يواجهون الاضطهاد من قبل حكومتهم ونظامهم، وبالتالي لا توجد حماية لهم من
السلطات المصرية، وهذا يجعل من الواضح تمامًا أن مصر ليست بلدا آمنا بالنسبة لهم".
وأضاف المحامي
المختص في شؤون الهجرة في حديثه لـ"عربي21": "بالنسبة لطالبي اللجوء المصريين الذين يواجهون
تهديدات مباشرة من الحكومة، فإن قضيتهم تظل شخصية تمامًا، لأنهم يواجهون ضغوطًا
وتهديدات حقيقية".
وأشار إلى أنّ: "القرار لن يغير من حقيقة أنهم بحاجة إلى الحماية، فبغض النظر عن تصنيف مصر
كدولة آمنة، سوف يستمر النظر في قضاياهم بناءً على الظروف الفردية التي يتعرضون لها".
وتابع بأنّ: "هذا القرار قد يسرع من إجراءات اللجوء، في الحالات التي لا تكون فيها دلائل على
الاضطهاد، لكنه أكد على أن قضايا الاضطهاد السياسي ستظل تحظى بالعناية اللازمة".
قد تؤدي إلى رفض
طلبات اللجوء
من جانبها علّقت
المستشارة القانونية الهولندية من أصول أردنية، آية الزعبي، في تصريحات خاصة، لـ"
عربي21" على إدراج مصر ضمن قائمة "الدول الآمنة" من قبل
المفوضية الأوروبية معتبرة القرار "تطورا قانونيا مهما سيؤثر بشكل كبير على وضع
طالبي اللجوء المصريين في هولندا وفي باقي دول الاتحاد الأوروبي".
وقالت الزعبي:
"إدراج مصر في قائمة الدول الآمنة يعني أن السلطات الهولندية، وفقًا للمادة
3.105ba من قانون الهجرة الهولندي (Vreemdelingenbesluit 2000)، يمكنها التعامل مع طلبات اللجوء المقدمة من
المواطنين المصريين بشكل مسرع، وقد ترفضها إذا كانت تعتبر "واضحة الرفض"،
ما لم يتمكن الشخص من إثبات وجود خطر فردي حقيقي يهدده في حال العودة إلى مصر".
وأضافت:
"مع ذلك، يجب التأكيد على أن القانون الأوروبي، بما في ذلك المادة 4(3) من
التوجيه /95/2011EU،
يلزم الدول الأعضاء بإجراء تقييم شامل وموضوعي لكل طلب لجوء بناءً على الوقائع
والظروف الخاصة بالمقدم. وبالتالي، يجب أن يكون التقييم فرديًا ويأخذ بعين
الاعتبار كل حالة على حدة".
وتابعت بالقول "طالب اللجوء، في حال تم رفض طلبه بناءً على تصنيف البلد الآمن، لا
يزال يتمتع بحق الطعن القضائي أمام محكمة مستقلة، كما ينص على ذلك المادة 46 من
التوجيه /32/2013EU. أيضًا، مبدأ عدم الإعادة القسرية، الذي يعكسه حكم المحكمة الأوروبية
لحقوق الإنسان في قضايا مثل J.K. v. Sweden وChahal v.
UK،
يحظر ترحيل أي شخص إلى بلد يواجه فيه خطرًا حقيقيًا من التعذيب أو المعاملة
اللاإنسانية."
وأوضحت الزعبي في حديثها لـ"عربي21":
"تحت هذا الإطار القانوني، فإن تصنيف مصر كدولة آمنة لا يعفي السلطات من فحص
الأدلة والشهادات التي يقدمها طالب اللجوء، وإذا كان هناك دليل ملموس على تعرّض
الشخص للاضطهاد الفردي، بسبب رأيه السياسي أو انتمائه الديني أو أي سبب آخر، فإن
الحماية الدولية تظل ممكنة قانونًا".
وختمت بالقول: "مكتبنا يؤكد على أهمية الإعداد القانوني السليم لكل ملف لجوء لضمان
احترام هذه الضمانات القانونية في كل مرحلة من مراحل الإجراءات. ومع ذلك، نُشدد
على أنه لا يمكن للدول الأوروبية أن تتجاهل حماية الأفراد الذين يواجهون مخاطر
حقيقية، وذلك على الرغم من التصنيفات السياسية التي قد تصدرها المفوضية
الأوروبية".